للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ}: أي: الموصوف بما مرَّ عالمٌ بما غاب عن الخلق وما شهِدوه وما (١) شاهدوه، لا يخفى عليه شيء من ذلك.

{الْعَزِيزُ}: المنيع بسلطانه فلا يغالَب {الرَّحِيمُ} بخلقه بإيصال المنافع ودفع المضار.

قوله: {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ}: قرأ نافع وحمزة والكسائي وعاصم: {خَلَقَهُ} بتحريك اللام وهو ماضٍ، ومعناه: أتقن كلَّ شيء قد خلقه كما قال: {صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ} [النمل: ٨٨].

وقيل: أي: عَلِم كلَّ شيء قد خلَقه، من قولهم: قيمة كل شيء ما يحسنه؛ أي: عَلِم قبل أن يخلقه أنه كيف يكون إذا خلقه، وعَلِم بحاله ومدةِ بقائه، وما يكون منه وما يحتاج إليه إلى انقضائه.

وقيل: عَلِم ما خَلَق فلم يَحتجْ أن يَحتذيَ فيه على مثالٍ سَبَق.

وقيل: أي: جعَله حسنًا، على معنى: أنه خلق ما له (٢) أن يخلقه، ومَن فعَل ما ليس له أن يفعله فقد أساء، أو: جعَله حسنًا على ما علَّق به من الحكمة وجعَل فيه من الدلالة.

وقرأ ابن كثير وأبو عمرو: {أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ} بتسكين اللام (٣) على أنه مصدر والفعل واقعٌ عليه، وتقديره: أحسن خَلْق كلِّ شيء، ثم هو يقع على الإتقان وعلى العلم وعلى التحسين على ما مر، وظاهرُ نَظْمه أن قوله: {كُلَّ شَيْءٍ} مفعول به، وقوله: {خَلَقَهُ} بدلٌ عنه، وهو كقوله: ضربتُ زيدًا رأسه.


(١) "ما" ليست في (أ).
(٢) بعدها في (ر): "قبل".
(٣) وهي قراءة ابن عامر أيضًا. انظر: "السبعة" (ص: ٥١٦)، "التيسير" (ص: ١٧٧).