للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لعبادي الصالحين ما لا عينٌ رأت ولا أذنٌ سمعت ولا خطر على قلب بشر" قال أبو هريرة رضي اللَّه عنه: اقرؤوا إن شئتم: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} (١).

* * *

(١٨) - {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ}.

وقوله تعالى: {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ}: ذكر وعيدَ الكافرين ووعد المؤمنين، ثم عجَّب عباده ممن سوَّى بين الفريقين، فقال: {أَفَمَن} وهو استفهام بمعنى النفي، يقول: أفمَن كان متقادمَ الإيمان كمَن كان فاسقًا خارجًا عن طاعة اللَّه يَهتكُ (٢) الحرمةَ فيما بينه وبين اللَّه؛ أي: إن هذا لا يكون.

وقال: {لَا يَسْتَوُونَ} ولم يقل: يستويان؛ لأن (مَن) جنسٌ يصلح (٣) للجمع.

والآية نزلت في علي بن أبي طالب رضي اللَّه عنه والوليد بن عقبة بن أبي معيط، وكان بينهما تنازعٌ في شيء، فقال الوليد لعلي رضي اللَّه عنه: إلى كم تهدِّدني؟! فواللَّه إني لأحدُّ منك سنانًا، وأشجعُ منك جَنانًا، وأبسطُ منك لسانًا، وأملأ منك حشوًا في الكتيبة، فقال له علي رضي اللَّه عنه: اسكت يا فاسق، فأنزل اللَّه هذه الآية تصديقًا لعليٍّ رضي اللَّه عنه (٤)، ونزل أيضًا قوله تعالى: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ} في الوليد.


(١) رواه البخاري (٤٧٧٩)، ومسلم (٢٨٢٤).
(٢) في (أ): "متهتك"، وفي (ف): "مهتك".
(٣) في (أ): "فصلح".
(٤) رواه الإمام أحمد في "فضائل الصحابة" (١٠٤٣)، والخطيب في "تاريخ بغداد" (١٣/ ٣٢١)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص: ٣٤٩)، عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما. وكذا أورده في تفاسيرهم السمرقندي والثعلبي والواحدي والبغوي وابن عطية وابن الجوزي، ورواه الطبري في "تفسيره" (١٨/ ٦٢٥) عن عطاء بن يسار مرسلًا. =