للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مكة هربوا، فلحقهم خالد بن الوليد رضي اللَّه عنه، فأظهروا الإسلام فلم يقبله خالد منهم وقتلهم، فكان ذلك قوله: {لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ} ذكره الكلبي رحمه اللَّه وغيره (١).

وقالوا: هذا غير صحيح؛ لأن أكثر أهل مكة آمنوا يومئذ فنفعهم إيمانهم.

وذُكرت هذه الحادثة من وجه آخر قال الحسن: إن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لما فتح مكة تحصَّن بنو جَذِيمة على (٢) أعلى جبل، فأرسل إليهم خالد بن الوليد يستنزلهم، فقالوا: قد أسلمنا، قال: فانزلوا إن أسلمتم، فنزلوا فوضع فيهم السيف فقتلهم (٣)، فأُخبر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بذلك، فقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اللهم إني أبرأُ إليك مما صنَع خالد" (٤)، ووداهم من غنائم خيبر.

وقال محمد بن إسحاق: كان بين خالد رضي اللَّه عنه وبني جَذيمة إحنةٌ في الجاهلية، وذلك أن بني جذيمة قتلوا عوفًا أبا عبد الرحمن بن عوف وقتلوا الفاكهَ عمَّ خالد بن الوليد.

وقال السدي: يعني: يوم بدر؛ لأن أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كانوا يُوْعدونهم (٥).


(١) ذكره عن الكلبي: أبو الليث في "تفسيره" (٣/ ٣٨).
(٢) في (أ): "إلى".
(٣) "فقتلهم" ليس من (ف).
(٤) لم أجده عن الحسن، هذا مع أنه مردود أيضًا؛ لأن فيه أن خالدًا رضي اللَّه عنه قتلهم بعد أن أسلموا وأعلنوا إسلامهم وعلم منهم هو ذلك، وصواب القصة ما رواه البخاري (٤٣٣٩) عن ابن عمر رضي اللَّه عنهما قال: (بَعَث النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- خالدَ بنَ الوليد إلى بني جَذِيمةَ، فدعاهم إلى الإسلام، فلم يُحْسِنوا أنْ يَقولوا: أسلَمْنا، فجعلوا يقولون: صَبَانا صَبَأنا، فجَعَل خالدٌ يَقتلُ منهم ويأسِرُ. . .) الحديث.
(٥) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٧/ ٣٣٥)، والواحدي في "البسيط" (١٨/ ١٦٣)، والبغوي في "تفسيره" (٦/ ٣١٠).