للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وبالمؤاخاة إذ هي اجتماعٌ على نصرة دين اللَّه، ثم (١) في الآخِر توارثوا بالإيمان مع القرابة، وذلك اجتماعٌ في الدِّين بجمع اللَّه تعالى فلم تَخْلُ هذه الشرائعُ كلُّها من تعليق التوارث بسبب ولاية الدين.

وقيل في نظمه وجهٌ آخر: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ. . . كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا} ومأخوذًا به المواثيقُ من الأنبياء.

وقوله تعالى: {وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا}: قال سعيد بن جبير: عمَّ بأخذ الميثاق على الدِّين والشهادة، وخصَّ الخمسة المذكورين في الآية بتبليغ الرسالة والقيامِ بالحجة؛ لأن لهم الكتبَ والأمم وهم أولو العزم، وبدأ بذكر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لأنه كان هو الأولَ في خطاب العهد، ولذلك قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أنا أولُ الأنبياء خَلْقًا وآخرُهم بعثًا إلى الخلق" (٢).

قال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: أخذ ميثاقَ نوح على أن يبشِّر بإبراهيم، وأخذ ميثاق إبراهيم على أن يبشِّر بموسى، وأخذ ميثاق موسى على أن يبشر بعيسى، وأخذ ميثاق عيسى على أن يبشر بمحمد -صلى اللَّه عليه وسلم-.

ثم قولُه تعالى: {وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ} إلى آخره: دليلٌ على أن الواو للجمع المطلَق لا للترتيب.


(١) "ثم" ليست في (أ) و (ف).
(٢) رواه ابن سعد في "الطبقات" (١/ ١٤٩)، والطبري في "تفسيره" (١٩/ ٢٣) من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مرسلًا. ورواه الطبراني في "مسند الشاميين" (٢٦٦٢) من طريق سعيد بن بشير عن قتادة عن الحسن عن أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. وسعيد بن بشير قال عنه البخاري: يتكلمون في حفظه. وقال ابن معين: ليس بشيء. والحسن هو البصري ولم يسمع من أبي هريرة كما في "المراسيل" لابن أبي حاتم (ص: ٣٨). وانظر: "المقاصد الحسنة" (ص: ٨٣٧).