للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يرجعا ومَن معهما عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابه، وكتبوا الكتاب ولم تقع الشهادة، فلما أراد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يفعل بعث إلى سعد بن معاذ وسعد بن عبادة فذكر لهما ذلك واستشارهما، فقالا: يا رسول اللَّه، أمر تحبُّه فتصنعَه، أم شيءٌ أمرك اللَّه تعالى به لا بد لنا من أن نعمل به، أم شيء تصنعه لنا؟ فقال: "لا، بل لكم واللَّه، ما أصنع ذلك إلا لأني رأيتُ العرب قد كالبَتْكم من كل جانب ورمتكم عن قوس واحد، فأردت أن أكسر عنكم شوكتهم، فقال سعد بن معاذ: يا رسول اللَّه، قد كنا نحن وهؤلاء القوم على الشرك باللَّه وعبادة الأوثان لا نعرف اللَّه ولا نعبده، وهم لا يطمعون أن يأكلوا منها ثمرة إلا بقِرًى أو بشِرًى، فحين (١) أكرمنا اللَّه بالإسلام وهدانا له وأعزَّنا بك نعطيهم أموالنا؟! ما لنا بهذا من حاجةٍ، فواللَّه لا نعطيهم إلا السيفَ حتى يحكم اللَّه بيننا وبينهم، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فأنت وذاك" وتناول صحيفة العهد ومحاها (٢).

* * *

(١٢) - {وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا}.

وقوله تعالى: {وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ}: قيل: إن المنافقين معروفون وهم كفارٌ غير مؤمنين {وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} هم قوم لا نصرةَ لهم في الدِّين (٣) كان المنافقون يستميلونهم بإدخال الشُّبَه عليهم:

{مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا}: أي: أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وعدَنا النُّصرة ولم تظهر أمَارةُ ذلك بل يَظهر غيرُ ذلك، فليس ما وُعدنا إلا غرورًا؛ أي: إلا شيئًا يخدعُنا به


(١) في (ر) و (ف): "فحيث".
(٢) انظر: "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٢١٩) وما بعدها.
(٣) في (أ): "لا بصيرة لهم في الدنيا" وفي (ف): "لا بصيرة لهم في الدين".