للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(١٩) - {أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا}.

{أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ}: جمعُ شحيح وهو البخيل، ونصبه على الحال ويتصل بقوله: {وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا} {أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ}؛ أي: بخلاءَ عليكم بالظفَر والغنيمة والخير ومعونةِ الضعفاء.

{فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ}: أي: كدوران عينِ الذي يزول عقله عند ظهور سكرات الموت.

يقول: إذا كانت الغنيمة فهم أشحُّ الناس، وإذا جاء خوف القتل فهم أجبنُ الناس، ويُدهشون من الفزع، ويقلِّبون أعينَهم يمينًا وشمالًا، وينظرون إليك يلوذون بك أحداقُهم تضطرب في رؤوسهم كما يكون ممن حضره الموت.

{فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ}: قال الفرَّاء: أي: عصَوكم وآذَوكم بالكلام (١).

وقال قطرب: سَلَقَتِ المرأة وصَلَقَت؛ أي: صَخِبَت (٢)، وأصله: رفع الصوت؛ قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ليس منَّا مَن حلق أو سلق" (٣)؛ أي: حلَق شعره عند المصيبة أو رفعَ صوته بالنياحة.


(١) انظر: "معاني القرآن" للفراء (٢/ ٣٣٩)، و"البسيط" (١٨/ ٢٠٨). وليس في "معاني القرآن": "عصوكم".
(٢) كذا وقعت العبارة في النسخ، وفي "تفسير ابن كمال باشا" عند هذه الآية عن قطرب: (سلقْتُ المرءَ وصلقْتُ؛ أي: صحْتُ به، وأصلُه. . .). ويغلب على الظن أنه منقول عن المؤلف فإن هذا التفسير من مصادر ابن كمال في "تفسيره".
(٣) روى نحوه البخاري (١٢٩٦)، ومسلم (١٠٤) من حديث أبي موسى الأشعري رضي اللَّه عنه.