للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

السلام في ترك المهر لا في تعيُّن اللفظ، ويستدلُّون لجواز الهبة بقوله: {إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا} لولا أن الهبة نكاح لقيل: إن أراد النبي أن يتَّهبها (١).

والشافعي رحمه اللَّه يرى به اللفظَ والمعنى مما خُصَّ به النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إن رغب النبي عليه السلام أن يستنكحها؛ أي: يتزوجها، يقال: نَكَح واستَنْكَح؛ كما يقال: عَجِل واستعجل (٢).

{وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ}: أي: ملَّكت نفسها رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالنكاح بلفظ الهبة من غيرِ مهرٍ.

{إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا}: أي: أحبَّ أن ينكحها؛ كما يقال: نَكِرَ واستَنْكر، وعَجِب واستَعْجب، وعَجِل واستعجل.

{خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ}: رجوعٌ إلى المخاطبة بعد المغايبة، وهي تلوين الكلام (٣)، ومعناه: أنها خالصة (٤) للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من غير مهر، وغيرُ النبيِّ ليس له ذلك، بل يجب المهر وإن لم يسمِّه أو نفاه.

وقيل: قوله: {خَالِصَةً} يرجع إلى كلِّ منكوحةٍ له، ومعناه: أنها تخلُص له في الدنيا والآخرة فلا تحلُّ لأحدٍ بعده امرأةٌ من نسائه.

قال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: الواهبةُ نفسَها له ميمونةُ بنتُ الحارث (٥).


(١) في (ف): "يمهرها".
(٢) من قوله: " {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً}: أي: مصدِّقةً. . . " إلى هنا ليس في (أ).
(٣) في (أ): "وهو تلوين"، وليس فيها: "الكلام".
(٤) في (ر) و (ف): "خلصت".
(٥) رواه عبد الرزاق في "المصنف" (٢٢٦٦)، والطبري في "تفسيره" (١٩/ ١٣٥).