للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقيل: أي: انقادوا لأمره وحكمه انقيادًا؛ كما قال: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ} إلى قوله: {وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}.

وعن كعب بن عُجرةَ قال: لما نزلت هذه الآية قمنا إليه فقلنا: أما السلام عليك فقد عرفناه، فكيف الصلاة عليك يا رسول اللَّه؟ قال: "قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد" (١).

وعن الحسن رحمه اللَّه قال: لما نزلت هذه الآية قالت الصحابة: فما لَنا؟ فأنزل اللَّه تعالى: {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ} [الأحزاب: ٤٣] (٢).

ثم بيَّن تشريفَه من وجه آخر -وهو وعيد مَن آذاه- فقال:

* * *

(٥٧) - {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا}.

{إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}: وذكرُ اللَّهِ للافتتاح به والتيمُّنِ كما في قوله: {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} [الأنفال: ٤١]، ولأن عصيان الرسول عصيانُ اللَّه، فكان إيذاؤه كذلك إيذاءه.

{لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ}: أي: أبعدهم اللَّه عن رحمته وطردهم في الدارين؛ لأن إيذاءه كفر {وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا} في الآخرة مُذلًّا مخزيًا.

* * *


(١) رواه البخاري (٣٣٧٠)، ومسلم (٤٠٦).
(٢) ذكره السمعاني في "تفسيره" (٤/ ٢٩٢) نقلًا عن بعض التفاسير.