للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا}: أي: في المدينة إلا زمانًا قليلًا، بل يُضطرُّون إلى الجلاء عنها إلى أرض أخرى.

وقيل: {إِلَّا قَلِيلًا}؛ أي: أذلَّاء مقهورين مقموعين، فإن القِلة توضعُ مكان الذِّلة، ويكون نعتًا لهم على هذا القول (١).

* * *

(٦١) - {مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا}.

وعلى هذا قوله: {مَلْعُونِينَ} يكون نعتًا لهم أيضًا على الحال كالأول؛ أي: مشتومين مُبْعدين عنكم وعن مجالسكم ومساجدكم.

وإذا حُمل الأول على قلة الزمان فقوله: {مَلْعُونِينَ} يكون نصبًا (٢) على الذم، كما في قوله {حَمَّالَةَ الْحَطَبِ}.

{أَيْنَمَا ثُقِفُوا}: أي: وُجدوا {أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا}: هذا حكمُهم إذا ظهر (٣) حالهم.

وقد حقَّق معنى قوله: {مَلْعُونِينَ} -أي: مشتومين مطرودين- لمَّا نزلت سورة براءة، حتى قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "قم يا فلان فاخرج من المسجد فإنك منافق، وقم يا فلان. . " (٤)، على ما ذكرنا في تلك السورة (٥).


(١) أي: حالًا لهم، والمؤلف قد يعبر عن الحال بالنعت.
(٢) في (ر): "نعتًا".
(٣) في (أ): "أظهروا".
(٤) رواه الطبري في "تفسيره" (١١/ ٦٤٤)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٦/ ١٨٧٠)، والطبراني في "الأوسط" (٧٩٢)، من حديث ابن عباس رضي اللَّه عنهما، وفيه: قام رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يوم جمعة خطيبًا فقال: "قم يا فلان فاخرج فإنك منافق، اخرج يا فلان فإنك منافق" فأخرجهم بأسمائهم ففضحهم. . الحديث. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (٧/ ٣٤): فيه الحسين بن عمرو بن محمد العنقزي، وهو ضعيف.
(٥) عند تفسير قوله تعالى: {سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ}.