وهم أصحاب رسول اللَّه، وقيل: مؤمنو أهل الكتاب {الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} وهو القرآن {هُوَ الْحَقَّ} مفعول ثان بقوله: {وَيَرَى}؛ أي: هؤلاء يرون القرآن حقًّا ويعلمونه صدقًا، وأنه يهدي إلى طريق الحق وهو طريق اللَّه تعالى ودينُ اللَّه {الْعَزِيزِ} الذي لا يغالب {الْحَمِيدِ} المستحِقِّ للحمد.
وقوله تعالى:{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ}: أي: وقال هؤلاء المنكرون للساعة لإخوانهم الموافقين لهم على الإنكار: {هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ} يعنون النبيَّ {يُنَبِّئُكُمْ}؛ أي: يخبركم أنكم بعد أن تَبْلوا في قبوركم وتتقطَّعَ أجسادكم فيها أو تأكلكم السباع، والمَزْق: الخرق، والتمزيق: التكثير والتكرير منه، {إِنَّكُمْ} تعودون خلقًا جديدًا أحياءً كما كنتم قبل البِلَى والتقطُّع، وهذه لفظةُ تعجيب بصيغة الاستفهام؛ كقولك: هل رأيت مثل هذا؟!
{أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا}: ألف استفهام دخلت على الألف المجتلَبة فأسقطَتْها للاستغناء عنها {أَمْ بِهِ جِنَّةٌ}؛ أي: جنون، وهذا قولهم أيضًا، يقولون: لا ندري أنَّ ما يخبر به ويضيفه اللَّه تعالى أهو على جهة الافتراء على اللَّه تعالى فهو أمر فظيع، أم به جنون فهو يتكلم بما لا يدري؟!
فأجابهم اللَّه تعالى فقال:{بَلِ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ فِي الْعَذَابِ وَالضَّلَالِ الْبَعِيدِ}: أي ليس هو مفتريًا على اللَّه تعالى ولا به جنون، ولكن المنكرون للبعث {فِي الْعَذَابِ} في الآخرة إذا صاروا إليها {وَ} في {الضلالِ البعيد} عن الحق في الدنيا.