للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{أَنْ لَوْ كَانُوا}: أي: الجن {يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ}: ما غاب عن حواسِّهم {مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ}: في استسخار سليمان في هذه الأعمال.

قال مقاتل رحمه اللَّه: كان داود عليه السلام أسَّس بناءَ مسجد بيت المقدس موضعَ فسطاط موسى، [فمات قبل أن يُبنى، فبناه سليمان بالصخر والقار]، وكانت بقيت لهم سنَةٌ حتى يَفرغوا من بنائه، وخاف سليمانُ الموت فقال لأهله: لا تخبروا الشياطين والجنَّ بموتي حتى يفرغوا من بناء المسجد، ودعا ربه فقال: اللهم أَعْمِ على الشياطين والجن موتي حتى تعلم الناسُ أن الجن والشياطين لا يعلمون الغيب (١).

وقال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: كانت الشياطين والجنُّ تدَّعي علمَ الغيب وما يكون في غد، فابتُلوا بموت سليمان (٢).

وقال الواقدي: كان ملَك الموت صديقًا لسليمان، فسأله سليمان عن آيةِ موته، فقال: إن آية موتك أن تخرج من الأرض شجرةٌ يقال لها: الخرُّوبة، فإذا وجدتَها فقد حضر أجلُك (٣)، فبينما سليمان في منزله ذات يوم طلعت شجرةٌ، فقال لها سليمان: ما اسمك؟ قالت: الخرُّوبة، فولج سليمان مسجدَه واتَّكأ على عصاه وقبضه اللَّه تعالى، فكان كذلك سنةً جرداءَ (٤).


(١) انظر: "تفسير مقاتل" (٣/ ٥٢٨)، وما بين معكوفتين منه.
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (١٩/ ٢٤٢ - ٢٤٣) عن قتادة.
(٣) في (أ): "موتك".
(٤) روي نحوه عن ابن عباس مرفوعًا وموقوفًا؛ فقد رواه البزار (٢٣٥٥ - كشف الأستار)، والطبري في "تفسيره" (١٩/ ٢٤٠)، والضياء في "المختارة" (٣٠٨)، عن ابن عباس مرفوعًا. قال البزار: لا نعلم أسنده إلا إبراهيم (هو ابن طهمان)، وقد رواه جماعة عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس موقوفًا.
وروى الموقوف على ابن عباسٍ الحسينُ المروزي في زياداته على "الزهد" لابن المبارك (١٠٧٢)، =