للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يعني: هم مع منزلتهم هذه يفزعون ويُشفقون من (١) شفاعة مَن لهم يشفعون، وهم بأمر اللَّه يعملون، فكيف يشفعون للكفار؟

وقيل: هذه الشفاعة قولهم: {رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ} [غافر: ٧].

قيل (٢): هو في الآخرة.

وقيل: هو في نزول الوحي المطلق، وتقديره: ولا تنفع الشفاعة في الآخرة عند اللَّه إلا لمن أذن له في الشفاعة من الملائكة الذين يفزعون لِمَا يَرِدُ عليهم من كلام اللَّه تعالى ووحيه بأقضيته، حتى إذا أزال اللَّه عنهم الفزع {قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ}؛ أي: الشفاعة لهؤلاء لا للأصنام والشياطين والجن.

وقيل: قولهم {قَالُوا الْحَقَّ} هذا الإجمال في وحي لم يؤذن للأكابر بيانُه للأصاغر، فأما إذا كان أمرًا يحقُّ إظهاره فسَّروه لهم، والروايات فيه كثيرة.

روى أبو هريرة رضي اللَّه عنه عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إن اللَّه تعالى إذا قضى الأمر من السماء ضَربت الملائكة بأجنحتها كضرب السلسلة على الصَّفوان، فذلك قوله: {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ} قال: فيسمعها مسترِقُو السَّمْع وهم كذلك، وربما أدرك الشهابُ الأولَ قبل أن يرمي إلى صاحبه، وربما لم يدركه حتى رمى بها إلى صاحبه، فيرمي بها هذا إلى هذا وهذا إلى هذا حتى تُلقى على فم ساحر أو كاذب فيكذب معها فيصدق، فيقال: ألم يخبرنا يوم كذا بكذا فوجدناه حقًّا، وهي الكلمة التي سُمعت في السماء" (٣).


(١) في (أ): "في"، وفي (ر): "على".
(٢) في (ر) و (ف): "وقيل".
(٣) رواه البخاري (٤٧٠١).