للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ}: أي: فلا تتَّكلوا على ما أعطاكم من أسباب العزِّ والتوسُّع في الدنيا، ولا تمتنِعوا بها عن طاعة اللَّه (١)، بل أنفقوا في طلب مرضاته.

{وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ}: يعطي خلَفَه في الدنيا مع ما يُثيب عليه في الآخرة.

{وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ}: أي: المعطِين؛ لأنه قادر على مواصلةِ رزقه وزيادةِ ما شاء لمن شاء فيه بغيرِ حساب، وليس إعطاءُ العباد كذلك، ولأنه يعطي مِلكَ نفسه، ولأنه يوجِد المعدوم، وغيرُه يعطي رزقَ اللَّه تعالى، ويحوِّل من موضعٍ إلى موضع.

ولا رازق في الحقيقة إلا اللَّه تعالى، ولا خالق أيضًا غيرُه، لكن معنى {خَيْرُ الرَّازِقِينَ} هذا، و {أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ} [الصافات: ١٢٥]؛ أي: أحسن المصوِّرين والمقدِّرين.

وقيل (٢): معنى تكرار هذه الآية: أن الأولى خطاب للكافرين وهذه خطاب للمؤمنين.

ثم قوله: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ}؛ أي: في وجوه الخير، وذلك وإنْ لم يُذكر فالإنفاق المثمِر هذا، والذي لا يثمر هذا (٣) كلا إنفاقٍ، كالعلم الذي لا ينفع يسمَّى جهلًا، وكذلك وصَف الكفار بأنهم صمٌّ بكمٌ عميٌ وأنهم لا يعقلون، لعدم انتفاعهم بهذه الآلات.

* * *


(١) في (ف): "عن الطاعة للَّه".
(٢) "قيل" ليست في (أ).
(٣) "هذا" مكررة في (أ).