للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال الخليل رحمه اللَّه: البحر سمي به لاستبحاره؛ أي: انبساطه وسعته، وشقُّ الأذن سمي بحرًا لأنه يوسِّعها، وتبحَّر فلان في العلم؛ أي: توسَّع فيه (١).

والفرات: المتناهي في العذوبة.

والملح: الماء الذي فيه ملوحة، ولا يقال: مالح، والأُجاج: أشدُّ المياه ملوحة، وهو الذي لشدة ملوحته يلتهِب، ويقال: أجَّجتُ النار؛ أي: ألهبتُها، والأجَّة: شدةُ الحر.

وقيل: الفرات: البارد، والأُجاج: الحار، وسائغ شرابه؛ أي: سهلٌ انحدارُه إلى الجوف، لا يتكرَّهه الشارب، نفى (٢) الاستواءَ بين البحرين بتفاوت الوصفين.

وفيه نفيُ الاستواء بين الصالح والطالح، ووجوب التفرقة بينهما، وإذا لم تقع التفرقة بينهما في الدنيا فمِن ضرورته البعثُ والقيامة.

وقوله تعالى: {وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ}: أي: من كلِّ واحد من هذين البحرين {لَحْمًا طَرِيًّا}؛ أي: السمك، والطريُّ: الغضُّ.

{وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا}: أي: تغوصون على الدرِّ والمرجان، وتتخذون من ذلك حليةَ النسوان، إذا ضم ذلك إلى سائر الألوان، ويباع ذلك بأنفس الأثمان.

وفيه بيان النعمة والقدرة وإبطال الطبيعة، وهو كقوله: {وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ} إلى قوله: {يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ} [الرعد: ٤].

وقولُه: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} [الرحمن: ٢٢] يدل أيضًا على استخراجها (٣) منهما.


(١) انظر: "العين" (٣/ ٢١٩).
(٢) في (أ) و (ف): "ففي".
(٣) في (ر) و (ف): "استخراجهما".