للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} لا يعاجلُ الكفار بالعقوبة ويَستر عليهم في الدنيا.

* * *

(٤٢) - {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُورًا}.

وقوله تعالى: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ}: أي: وحلف هؤلاء المشركون قبل أن يَبعث اللَّه محمدًا باللَّه أيمانًا بالَغوا في تأكيدها على أنفسهم: لئن جاءهم رسول من اللَّه ينذرهم كما جاء مَن قبلهم من الأمم {لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ}؛ أي: أشدَّ اتِّباعًا له من أهل الكتاب لأنبيائهم، وذلك أن أهل الكتاب كانوا يُظهرون الفضل لأنفسهم على العرب بالكتاب والنبوة فيهم، فكان العرب يَسوؤهم ذلك لِمَا كانوا عليه من الأَنَفة والحميَّة، فكانوا يتمنون أن يكون منهم رسول.

{فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ}: وهو محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- {مَا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُورًا}؛ أي: ما ازدادوا مع مجيئه {إِلَّا نُفُورًا} عن الحق، وهو كقوله: {فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا} [التوبة: ١٢٤]، {فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا} [التوبة: ١٢٥] والسورة لا تَزيد إيمانًا ولا رجسًا، لكن المراد هذا، والإضافةُ إلى النذير والسورة للتسبُّب.

وعن ابن عباس رضي اللَّه عنهما: لمَّا بلغ قريشًا أن اليهود والنصارى كذَّبوا رسلهم وجحدوهم قالوا: لعن اللَّه اليهود والنصارى، لئن جاءنا رسول لنكونَنَّ أهدى منهم (١).


(١) ذكره بنحوه الواحدي في "البسيط" (١٨/ ٤٣٩)، وورد دون عزو في كثير من التفاسير. انظر: "تفسير =