للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والغل: ما يُشد به اليدُ إلى العنق للتعذيب والتشديد (١) من الحديد وغير الحديد.

وتقديرها: {إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا} فالأغلال مع الأيدي مجموعةٌ إلى الأذقان (٢)، وهو عبارةٌ عن منع التوفيق حتى صاروا متكبِّرين مستثقِلين الحقَّ؛ لأن المتكبِّر يوصف بانتصاب العنق، والمتواضعَ يوصفُ بضدِّه، قال تعالى: {فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ} [الشعراء: ٤]، ويقول المستثقِل للآخر: ما أستطيعُ أن انظر إليك، والذي جمعت يداه إلى عنقه إلى الذقن (٣) منتصبُ الرأس، فجُعل ذلك مثلًا للمتكبِّر (٤) عن الحق، والغاضُّ بصرَه مَثَلًا للمستثقِل للحق.

وقال عكرمة: {إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا} يعني: بني المغيرة بن مخزوم أمسكنا أيديهم عن الإنفاق في الخير (٥).

وقال السدي: إن الآية نزلت في قومٍ من قريش اجتمعوا وكان النبيُّ جالسًا عند البيت في نفر من أصحابه، فقالت قريش: انطلِقوا فنأخذَ محمدًا وأصحابَه فنرتقيَ بهم فوق أبي قبيس، فأما محمد فنضربُ عنقه وأما أصحابه فأيُّما رجل افتدَتْه عشيرتُه بدِيَته فقد خلَّينا سبيله، وإلا ضربنا عنقه، فأقبلوا فجعل اللَّه من بين أيديهم


= (٧/ ٤٤)، وهو في "تفسير مجاهد" (ص: ٥٥٩)، جميعهم بلفظ: رافعو رؤوسهم، وأيديهم موضوعة على أفواههم.
(١) في (ر): "والغل" بدل: "والتشديد".
(٢) في (ر): "إلى العنق".
(٣) في (أ): "والذي جعلت يداه إلى عنقه من الذقن".
(٤) في (ف): "للمتكبرين".
(٥) لم أجده هكذا، وروى الطبري في "تفسيره" (١٩/ ٤٠٦) عن عكرمة قال: قال أبو جهل: لئن رأيت محمدًا لأفعلن ولأفعلن، فأنزلت: {إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا} إلى قوله: {فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ} قال: فكانوا يقولون: هذا محمد، فيقول: أين هو، أين هو؟ لا يبصره.