للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أي: مِن الأممِ الماضيةِ الَّذين كانوا أشدَّ منكم قوَّةً، وأكثرَ أموالًا وأولادًا، فإنْ أجابوكَ أنَّهم أشدُّ مِمَّنْ سلَفَ فقلْ لهم:

{إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ}: أي: خلَقْنا جميعَهم {مِنْ طِينٍ لَازِبٍ}: أي: لازقٍ باليدِ، والفِعلُ مِن بابِ دخَلَ، يعني: خَلَقَ أصْلَهم منه -وهو آدمُ- ثمَّ خلَقَهم منه، فكيفَ صاروا هم أشدَّ منهم، وكيفَ توهَّموا لشدَّتِهم عند أنفسِهم أنَّهم يُعْجِزونني وأنا خالِقُ جميعِهم، وموجدُهم مِن العدَمِ؟

وقيل: {أَمْ مَنْ خَلَقْنَا} مِن الملائكةِ والشَّياطينِ والسَّماواتِ والأرضِ وما بينهما، وهو كقولِه {أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ} [النازعات: ٢٧] الآياتِ، وقال: {لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ} [غافر: ٥٧]، وذُكرَ بكلمةِ (مِن) لأنَّه جمعَ بينَ ما يعقِلُ وبينَ ما لا يعقِلُ، فغلَّبَ ما يعقِلُ.

يقولُ: فإذا قدَرْنا على خلْقِ ما هو أشدُّ منهم، فنحن نقدِرُ على إعادتِهم بعدَ موتِهم.

وقال مقاتلٌ: نزلَتْ في أبي الأشَدَّيْنِ، وسُمِّيَ به لشدَّةِ بطْشِه، واسمُه كَلَدَةُ بنُ أسيدٍ (١).

وقال محمَّدُ بنُ إسحاقَ: اسمُه أُبيُّ بنُ أسيدٍ (٢).

* * *


(١) انظر: "تفسير مقاتل بن سليمان" (٣/ ٦٠٣).
(٢) لم أقف عليه، وقد اختلف في اسمه ولقبه، فقيل: أبو الأشدين أسيد بن كلدة، وقيل: كلدة بن أسيد كما مرَّ، وقيل: أبو الأشد بن أسيد بن كلاب الجمحي، كما في "تفسير الماوردي" (٥/ ٤١)، وقيل: كلدة بن خلف الجمحي، كما ذكره ابن الجوزي في "زاد المسير" (٤/ ٣٦٤)، وقيل: هو (أبو الأسد) بالسين المهملة كما ذكر الشهاب الخفاجي في "حاشية البيضاوي" (٨/ ٣٦١)، وقيل غير ذلك.