للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقيل: هي "لا" زيدتْ عليها التاء؛ كما في قوله: (ثَمَّ وثمَّة)، و (ثُمَّ وثُمَّةَ).

واختار الكسائيُّ الوقف عليها بالهاء (١)، والفرَّاءُ بالتاء (٢).

وقولُه: {حِينَ مَنَاصٍ}: أي: وقتَ مَفَرٍّ، وقد ناصَ ينوصُ نَوْصًا؛ أي: فرَّ وراغَ.

وقال الفراء: النَّوْصُ -بالنون-: التأخُّرُ، والبَوصُ - بالباء: التَّقدُّمُ، وقد جمعهما امرؤ القيس في بيت واحد:

أمِنْ ذِكْر سلمى (٣) إذْ نأَتْكَ تَنوصُ... فتقصُرُ عنها خُطْوةً وتَبوصُ (٤)

وقال الحسن: أي: ليس هذا وقتَ نَزْوٍ (٥).

وقال ابن عباس: كان كفار مكة إذا قاتلوا فاضطُروا في الحرب قال بعضهم لبعض: مَناص؛ أي: اهربوا وخذوا حِذْرَكم، فلما نزل عليهم العذاب ببَدْر قالوا: مناص، فأنزل اللَّه: {وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ} (٦).

وقيل: معناه: كم أهلَكْنا قبل مشركي العرب من القرون الخالية بتكذيبهم، فلم يَقْدِروا على دفع الهلاك عن أنفسهم، ولمَّا أخذهم العذاب رفعوا أصواتهم بالاستغاثة والتوبة وطلبًا للخَلاص، فلم ينفعْهم ذلك؛ لأنَّه كان حالةَ البَأْس.

* * *


(١) انظر: "النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (٢/ ١٣٢)، وقال: هذا هو الصحيح عنه.
(٢) انظر: "معاني القرآن" للفراء (٢/ ٣٩٧).
(٣) في (أ): "ليلى"، وهي رواية الفراء، والمثبت من باقي النسخ وهي رواية الديوان.
(٤) انظر: "معاني القرآن" للفراء (٢/ ٣٩٧)، والبيت في "ديوان امرئ القيس" (ص: ١١٧).
(٥) لم أقف عليه للحسن، ورواه الطبري في "تفسيره" (٢٠/ ١٣)، وعبد الرزاق في "تفسيره" (٢٥٧٥)، عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما.
(٦) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٨/ ١٧٨)، والبغوي في "تفسيره" (٧/ ٧١).