للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

معنى أنهما ملَّةُ أهل الكتاب، يَعْنون أنَّ اليهود يقولون: عُزَيرٌ ابن اللَّه، والنصارى يقولون: المسيح ابن اللَّه وثالثُ ثلاثةٍ، كأنهم قالوا: التوحيد شيء كان يقوله المتقدِّمون اختلاقًا، فذلك قولهم: {إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ}.

وهو كقولهم: {إِنْ هَذَا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ} [الشعراء: ١٣٧]، {إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ} [الأنعام: ٢٥]، ثم اتَّفقَ المتأخِّرون وهم أهل الكتاب على خِلافِ ذلك وتَرْكِ ذلك.

* * *

(٨) - {أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ}.

وقولُه تعالى: {أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا}: أي: القرآنُ، استفهام بمعنى الإنكار.

أي: كيف خُصَّ به دونَنا؟!

{بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي}: أي: ليس ردُّهم قولَكَ لإنكارهم كونَكَ صادقًا في سائر كلامك، لكنْ يشكُّون فيما أنزلتُه عليكَ مِن الذِّكر: هل هو مِن عندي؟ إنكارًا لاختصاصي إيَّاكَ بالرسالة فيما أنزلتُه عليكَ مِن الذِّكْر (١).

وقولُه تعالى: {بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ}: أي: وقد رأوا مع ذلك إِمْهالي لهم إياهم، وتأخيري العذاب عنهم، فظنوا أنَّ ذلك لرضايَ بشِرْكهم.

و {بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ}: بمعنى: ولم يذوقوا، و"ما" زائدة مؤكِّدة، كما في قوله: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ} [آل عمران: ١٥٩].

و {عَذَابِ}: بمعنى: عذابي، على الإضافة.

* * *

(٩) - {أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ}.


(١) "فيما أنزلته عليك من الذكر" ليس من (أ).