للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ثم جعَل ما تحتهم ظُلَّةً وإن كانت ظِلال (١) الدنيا عاليةً؛ لأنَّ جهنم أَدْراكٌ، فالظُّلَّة التي تكون تحت قوم تكون ظُلَّةً عاليةً على قوم.

وقيل: جعل ما تحتهم ظُلَّةً؛ لأن ذِكْرها في مقابلة ما فوقَهم، والمُتَقابلان يُسمَّيان باسم واحد؛ كـ (العصرين) في أول النهار وآخره.

{ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ}: يعني: بما ذكَرَ مِن عذاب النار.

{يَاعِبَادِ فَاتَّقُونِ}: حذَّرَهم النار، ثم حذَّرَهم نفْسه، فهو المعذِّب بالنار مَن عذَّبه بها.

* * *

(١٧ - ١٨) - {وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ (١٧) الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ}.

وقولُه تعالى: {وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا}: أي: مَن أخلص العبادة للَّه، وتباعَد عن عبادة الشياطين، ومن طاعاتهم في الإشراك به، وكان منهم على جانب لا يُلاقيهم، هذا حقيقة الاجتناب؛ كالانحراف الذي حقيقتُه أنْ يكون على حَرْف، والاعتراض (٢) الذي حقيقته أن يكون على عُرْض.

{وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ}: أي: وأقبلوا إلى اللَّه بطاعتهم وعبادتهم مُخلصين له الدِّين.

{لَهُمُ الْبُشْرَى}: أي: بالجِنان، بدلٌ عمَّا لأولئك الخاسرين مِن النار.

{فَبَشِّرْ عِبَادِ (١٧) الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ} (٣): قيل: عمومُه يتناول كلَّ قول؛ أي:


(١) في (أ): "ظلة".
(٢) في (ف) و (أ): "والإعراض".
(٣) في (ف): "فبشر عبادي. . "، وهي رواية السوسي -بخلف عنه- عن أبي عمرو، حيث قرأها بإثبات =