للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ}: أي: يا عالمَ السرِّ والعلانية.

{أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ}: أي: قد علِمْتَ حالي وحالَ قومي هؤلاء، وإني قد بلَّغْتُهم واجتهدتُّ في النُّصْح لهم، وأوضحتُ بينهم دلائلكَ، فأعرضوا واشمأزُّوا، فاحْكُمْ بيني وبينهم، فإنكَ أنتَ تحكم بين جميع عبادكَ فيما كانوا فيه يختلفون مِن أديانهم.

وهذا الحُكْم: قد يكون في الدنيا بإنجاز وعده في دُعائه (١) على قومه، وهو كدعاء نوح عليه السلام: {فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ} [القمر: ١٠].

وقد يكون في الآخرة بأنْ يجزيَ كُلًّا على عمله، وتحت هذا الأمر بشارةٌ له بذلك كلِّه.

ويجوز أنْ يكون قوله: {أَنتَ} لا على وجه الدعاء، بل إظهار الثقة مِن نفْسه على الانتقام له منهم في الدنيا، والتمييزِ بين الكل بالجزاء في العُقْبى.

ويجوز أنْ يكون هذا وعدًا (٢) له بالشهادة بالبعث، وأنه حق، وأنَّ اللَّه يُحاسب عباده فيه، ويحكم بينهم فيما اختلفوا فيه، وهو بإدخال الكفار النار، وإدخال المؤمنين الجنة، وقد مرَّ في السورة الأمران جميعًا.

* * *

(٤٧) - {وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ}.


(١) في (ر) و (ف): "إعلائه".
(٢) في (ر) و (ف): "أمرًا".