للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(٧٥) - {وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}.

وقولُه تعالى: {وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ}: أي: {وَتَرَى} يا محمد يوم القيامة عند فَصْل القضاء {الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ}؛ أي: مُحْدِقين بالجوانب.

وقد حفَّ به القومُ: إذا صاروا في حِفافه؛ أي: جانبه مِن حول العرش.

{مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ}: {مِنْ} صِلةٌ زائدةٌ؛ كقولكَ: جئتُ مِن قَبْل فلان؛ أي: قَبْله.

والعرشُ يحضُرُ عرَصَةَ القيامة، قال اللَّه تعالى: {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ} [الحاقة: ١٧].

وقولُه تعالى: {يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ}: يُنزِّهون اللَّه تعالى ويحمدونه.

وقيل: معنى الباء في قولِه: {بِحَمْدِ رَبِّهِمْ}: أي: بتوفيق اللَّه تعالى يُسبِّحونه، وله الحمد.

{وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ}: أي: بين الخَلْق.

{وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}: أي: ويقول أهل الموقِف: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}.

وقيل: يقولُه أهل الجنة إذا دخلوها؛ كما قال: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ} [الزمر: ٧٤]، {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا} [الأعراف: ٤٣]، {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ} [فاطر: ٣٤]، {وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [يونس: ١٠].

وقال قتادة: بدأ اللَّه تعالى خَلْق العالَم بالحَمْد، فقال: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} الآيةَ [الأنعام: ١]، وختَمَ القضاء بينهم بالحَمْد، فقال: {وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (١).


(١) رواه الطبري في "تفسيره" (٢٠/ ٢٧٣)، وعبد الرزاق في "تفسيره" (٢٦٥٠)، والثعلبي في "تفسيره" (٨/ ٢٦٠).