للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقولُه تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}: قال الضحاك: أي: اعبُدوني (١)؛ كما قال: {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} [الأعراف: ١٩٤]، ويدلُّ عليه قوله: {يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي}.

وقال الكلبي: وحِّدوني (٢).

وقال مقاتل: هو نفْسُ الدعاء (٣).

{أَسْتَجِبْ لَكُمْ}: في سؤال المغفرة؛ لأن الإيمان طلَبُ المغفرة.

فإذا حُمِل الدعاء على التوحيد، كانت الاستجابة مغفرةً وتحقيقًا لقوله: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ}، وإنْ حُمِل على نفْس الدعاء، فالاستجابةُ هي الإجابة إلى ما سأَلَ.

والحاصل: أنَّ الآية إنْ حُمِلت على خطاب الكفار، فمعناها: وحِّدوني وأجيبوني في الدعاء إليه، أستجِبْ لكم في سؤالكم مغفرةَ ما قد سلَفَ.


(١) عزاه السيوطي في "الدر المنثور" (٧/ ٣٠١) للطبري وابن المنذر وأبي الشيخ في "العظمة" عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما، وذكره عنه الواحدي في "الوسيط" (٤/ ١٩)، ونقله الزمخشري في "الكشاف" (٤/ ١٧٥) عن مجاهد، وهو اختيار الطبري كما في "تفسيره" (٢١/ ٤٠٦).
ورواه الحاكم في "مستدركه" (٣٠٨٦) عن جرير بن عبد اللَّه البجلي رضي اللَّه عنه.
(٢) ذكره عنه السمرقندي في "تفسيره" (٣/ ٢١١)، ورواه الطبري في "تفسيره" (٢٠/ ٣٥٢) من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما، وأبو الشيخ في "العظمة" (١٦٧) من طريق آخر عنه.
(٣) انظر: "تفسير مقاتل" (٣/ ٦٩٣).
وذكره الماتريدي في "تفسيره" (٤/ ٤٦١)، والسمرقندي في "تفسيره" (٣/ ٢١١)، والثعلبي في "تفسيره" (٨/ ٢٨٠) من غير نسبة.