للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ويُفهَمُ مِن ظاهر هذه الآية أنَّ خَلْق السماء كان بعد خَلْق الأرض، وبه قال ابن عباس رضي اللَّه عنه (١).

وقولُه: {وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا} يدلُّ على أنَّ خَلْق الأرض كان بعد خَلْق السماء، وبه قال قتادة والسُّدِّي (٢).

وقولُه تعالى: {ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا}: يدلُّ على خَلْقهما معًا، وبه قال قوم.

وقد شرَحْنا الأقاويل الثلاثة بدلائلها في سورة البقرة.

{وَهِيَ دُخَانٌ}: قال ابن عباس: أوَّلُ ما خلَقَ اللَّه تعالى جَوْهَرةً طولُها وعرضُها مَسِيرةَ ألف سنة في مَسيرة عشرة آلاف سنة، فنظَرَ إليها بالهَيْبة فذابَتْ واضطربَتْ، ثم ثارَ منها دُخان فارتفع، واجتمع زبَدٌ فقام فوق الماء، فجعَلَ الزَّبَدَ أرضًا والدُّخانَ سماءً (٣).

{فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ}: قال مجاهد: قال: يا سماءُ، أَبْرِزي شمسَكِ وقمرَكِ ونجومَكِ، ويا أرضُ، أَخْرِجي نباتكِ، وكذا (٤).


(١) علقه البخاري جزمًا قبل الحديث (٤٨١٦)، ووصله الطبري في "تفسيره" (٢٤/ ٩٢)، والطبراني في "الكبير" (١٠٥٩٤)، والبيهقي في "الأسماء والصفات" (٨٠٩). ووقع في بعض نسخ البخاري ذكر سنده في آخر الرواية، فعلى هذا يكون موصولًا. انظر: "تغليق التعليق" (٤/ ٣٠٠ - ٣٠١)، و"فتح الباري" (٨/ ٥٥٩).
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (٩/ ١٤٥)، و (١/ ٤٦٢) عن السدي.
(٣) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٤/ ١٣٣) عن وهب، وأورده عن ابن عباس أبو البركات النسفي في "تفسيره" (٣/ ٢٢٨)، ولعله لا يصح عن ابن عباس، وإنما هو مما أخذه وهب عن الإسرائيليات.
(٤) ذكره السمرقندي في "تفسيره" (٣/ ٢٢٠) عن مجاهد، ورواه الطبري في "تفسيره" (٢٠/ ٣٩١) عن مجاهد عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما، والحاكم في "المستدرك" (٧٣) وصححه، والبيهقي في "الأسماء والصفات" (٨١٤) عن طاوس عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما.