للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(١٤) - {إِذْ جَاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ قَالُوا لَوْ شَاءَ رَبُّنَا لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً فَإِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ}.

{إِذْ جَاءَتْهُمُ الرُّسُلُ}: أي: جاء عادًا هودٌ النَّبيُّ، وثمودَ صالحٌ النبيُّ، عليهما السلام، وكلُّ رسول يُخبر بسائر الرسل، فمجيئُه مجيءُ الرسل معنًى، وكذلك قال: {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ} [الشعراء: ١٠٥]، وما جاءهم ظاهرًا إلا نوحٌ عليه السلام وحدَه، وكذا قال: {كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ} [الشعراء: ١٢٣]، وقال: {وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ} [هود: ٥٩].

وقيل: {إِذْ جَاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ}: أي: جاءهم بيانُ حَقِّيَّةِ أمرِ (١) الرسل مِن كل جِهة حين أحاطَ بهم البَيانُ مِن كل جانب، فحيثما انصرفوا (٢) وجدوا بيانَهم قائمًا لهم.

وقيل: {مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ}: الرسل المبعوثون في آبائهم {وَمِنْ خَلْفِهِمْ}: الذين بعد أولئك الرسل.

وقيل: {مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ}: أي: مُنذِرين بعذاب الدنيا والآخرة، وهو كقوله: {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ} [البقرة: ٢٥٥].

وقيل: أي: داعين إلى العمل في الدنيا، والإيمان بالآخرة.

{أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ}: أي: إذ جاءتهم الرسل بألا تعبدوا إلا اللَّه تعالى وحده لا شريك له، ولا تشركوا به شيئًا.

وقولُه تعالى: {قَالُوا لَوْ شَاءَ رَبُّنَا لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً فَإِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ}: أي: لو أراد اللَّه


(١) في (ر): "جاءهم بيان حقيقة"، وفي (ف): "جاءتهم حقيقة أمر".
(٢) في (أ) و (ف): "تصرفوا".