وقال مقاتل: غَبْراءَ مُتَهَشِّمَةً لا نباتَ بها (١).
وأصلُ الخشوعِ: السُّكونُ والخُضوعُ، قال تعالى: {وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ} [طه: ١٠٨]، وقال تعالى: {خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ}، وهذا كقوله: {وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً}.
وقولُه تعالى: {فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ}: أي: تحرَّكَتْ بالنبات {وَرَبَتْ}؛ أي: ازدادتْ وانتفخَتْ بنُمُوِّ النبات في جَوْفها إلى أنْ يخرُجَ منها بانصداعها عنه.
وقيل: اهتزازُها: تحرُّكُ نباتِها، وكذا رُبُوُّها: رُبُوُّ نباتِها.
وقيل: هو مِن قولكَ: اهتزَّ فلانٌ ببِشارةِ كذا؛ أي: استبشرَ، وهذا مجازٌ عن تزيُّنِ الأرض في الربيع، ولذلك يُقال: ضحِكَتِ الأرضُ ببُكاءِ السَّماء.
{إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِ الْمَوْتَى}: لا فَرْقَ بين الموتين والحَياتين في التدبُّرِ.
{إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}: مِن هذا وغيرِه.
وقال الإمام القُشَيري رحمه اللَّه في الآيتين: إنَّ الشمسَ وإنْ علَتْ، والقمرَ وإنْ حسُنَ، فلأجلكم خلَقْناهما، فلا تسجدوا لهما واسجُدوا لنا.
وقال أيضًا: خلَقَ الملائكة وقرَّبَهم ورفعَ منزلتَهم، ثم أمرَهم بالسجود لأبيكم آدم، فامتنَعَ أحدُهم، فلُعِنَ على الأبد.
وقال لكم: يا أولادَ آدمَ، لا تسجدوا للشمس ولا للقمر والملائكةِ ولا لشيءٍ دُوني.
وقال: أمرَكَ بصِيانة وجهِكَ عن الشمس والقمر والملائكة والبَشَر، ثم تبذُلُ وجهَكَ لكل خسيسٍ لأجلِ حظٍّ خَسيسٍ؟!
= والطبري في "تفسيره" (٢٠/ ٤٣٨) بلفظ: غبراء متهشمة.
(١) انظر: "تفسير مقاتل" (٣/ ٧٤٤). وانظر التعليق السابق.