للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أي: أيكونُ كتابٌ أعجميٌّ ورسولٌ عربيٌّ؟!

يقولُ: لو أنزَلْنا هذا الذِّكْرَ قرآنًا؛ أي: كتابًا يُقرأ {أَأَعْجَمِيٌّ}؛ أي: بلُغةٍ غيرِ فَصيحةٍ مِن لُغات الأعاجم، {لَقَالُوا}: أي: لقالَ هؤلاء المشركون: هلَّا بُيِّنَتْ آياتُه باللغة الفَصيحة، فيتحقَّقَ لنا فَهْمُها، ويقرُبَ مِن قلوبنا وعقولنا الوقوفُ على المراد بها.

{أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ}: أي: فكيف يكون هذا أنْ يكون كتابٌ أعجميٌّ ورسولٌ عربيٌّ وإنما أُرْسِلَ بالكِتاب ليكون بيانًا لقومه وآيةً له على صِدْق دعواه؟!

وكيف يكون (١) آيةً على قوم وهو شيءٌ لا يعرِفونه ولا يقِفون (٢) على جنسه لِيمتحِنوا قُواهم في مُعارضته، حتى إذا عجِزوا علِموا أنه سماويٌّ خارجٌ عن قوى البشر؟!

وقولُه تعالى: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى}: أي: مُرْشِدٌ مِن الضلالة {وَشِفَاءٌ} أي: شافٍ مِن الجَهالة.

وقولُه تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ}: أي: ثِقلٌ وصَمَمٌ عن سماعه وفَهْمه.

{وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى}: أي: عمًى لقلوبهم لتركِهم تدبُّرَه.

{أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ}: أي: هم كمن يُنادى مِن مسافةٍ بعيدةٍ، فينقطعُ صوتُ المُنادي عنه فلا يسمعُه.

وقال مجاهد: لبُعْدِه عن قلوبهم (٣).


(١) في (ف): "يكون له".
(٢) في (ف): "يفقهون".
(٣) رواه عنه الطبري في "تفسيره" (٢٠/ ٤٥١)، وذكره السمرقندي في "تفسيره" (٣/ ٢٣١).