للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فهو سِحْرٌ، فوجَّهوا فإذا أهلُ الآفاق تحدَّثوا بانشقاق القمر، فقال أبو جهل لعنَه اللَّه: {وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ} [القمر: ٢]، فنزلَتِ هذه الآيةُ (١).

وقيل: معناه: {سَنُرِيهِمْ} آياتِ وحدانيَّتِنا، {فِي الْآفَاقِ}: مِن سَيْرِ النُّجوم وجَرَيان الشمس والقمر بحُسْنِ التَّدبير، وكذلك ما في الأرض، {وَفِي أَنْفُسِهِمْ}: ما يُشاهدون فيها مِن آثار الحدَثِ والتَّنَقُّلِ مِن حالٍ إلى حالٍ، {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ}؛ أي: يظهَرَ لهم البيانُ الذي ينقطِعُ به العُذْرُ.

وقولُه تعالى: {أَنَّهُ الْحَقُّ}؛ أي: أنَّ اللَّهَ هو المعبودُ الحقُّ الذي لا شريكَ له، وأنَّ البعثَ حقٌّ لا شُبْهةَ فيه، فإنَّ مَن قدِرَ على ذلك قدِرَ على إحياء الموتى.

وقولُه تعالى: {أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ}: أي: شاهدٌ، ويشهد أنَّ القرآنَ مِن عند اللَّه، وأنَّكَ رسولُه.

وقيل: يشهدُ بهذا كلِّه.

قال الكلبي: {أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ} أنه أخبرَهم بذلك وشهِدَ به لِيعلموا (٢) وإنْ لم يُسافروا في الآفاق (٣).

وقيل: أي: عالمٌ بفِعْلِكَ يا محمد وبأفعالهم، فيَجزي كُلًّا على وَفْق عمَلِه، وهو مِن قوله: {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ} [الأنعام: ٧٣].

* * *


(١) ذكره السمرفندي في "تفسيره" (٣/ ٢٣٣).
(٢) بعدها في (ر) و (ف): "أنه".
(٣) ذكره السمرقندي في "تفسيره" (٣/ ٢٣٣).