وقولُه تعالى:{وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ}: ادَّعَوا أنَّ اللَّهَ أمرَهم بعبادة الملائكة، وقالوا: لو شاء ألَّا نعبُدَها لنهانا عنها، فإذْ لم يَنْهَنا عنها فقد أمَرَنا بها.
وقيل: معناه: لو شاء اللَّه ألَّا نعبُدَهم لمنَعَنا عن عبادتها مَنْعَ قَهْرٍ واضطرارٍ، وإذا لم يفعلْ ذلك فقد أباحَ لنا.
وقولُه تعالى:{مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ}: أي: يَكْذِبون؛ أي: هذا القولُ منهم ليس لهم عليه حُجَّةٌ، وهو جَهْلٌ منهم وكَذِبٌ.
وقيل: إنهم قالوا هذا القولَ استهزاءً بقول أهل الحق: إنَّ الكائناتِ كلَّها بمشيئة اللَّه تعالى؛ لا اعتقادًا منهم ذلك، فأكذبَهم اللَّهُ فيه وجهَّلَهم حيث لم يقولوه عن اعتقاد؛ كما قال مُخْبِرًا عنهم:{أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ}[يس: ٤٧]، وهذا حقٌّ في الأصل، ولكنْ قالوا ذلك استهزاءً، فأكذَبَهم اللَّهُ بقوله:{إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}[يس: ٤٧]، وكذلك قوله:{قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ}، ثم قال:{وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ}[المنافقون: ١]؛ لأنَّهم لم يقولوه اعتقادًا.
وقولُه تعالى:{أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ}: فسَّرْناه؛ لأنَّه مُتَّصلٌ بالأول ومُقَدَّمٌ في المعنى، وإنْ كان مُؤَخَّرًا في النَّظْم.