للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقولُه تعالى: {وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ}: ادَّعَوا أنَّ اللَّهَ أمرَهم بعبادة الملائكة، وقالوا: لو شاء ألَّا نعبُدَها لنهانا عنها، فإذْ لم يَنْهَنا عنها فقد أمَرَنا بها.

وقيل: معناه: لو شاء اللَّه ألَّا نعبُدَهم لمنَعَنا عن عبادتها مَنْعَ قَهْرٍ واضطرارٍ، وإذا لم يفعلْ ذلك فقد أباحَ لنا.

وقولُه تعالى: {مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ}: أي: يَكْذِبون؛ أي: هذا القولُ منهم ليس لهم عليه حُجَّةٌ، وهو جَهْلٌ منهم وكَذِبٌ.

وقيل: إنهم قالوا هذا القولَ استهزاءً بقول أهل الحق: إنَّ الكائناتِ كلَّها بمشيئة اللَّه تعالى؛ لا اعتقادًا منهم ذلك، فأكذبَهم اللَّهُ فيه وجهَّلَهم حيث لم يقولوه عن اعتقاد؛ كما قال مُخْبِرًا عنهم: {أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ} [يس: ٤٧]، وهذا حقٌّ في الأصل، ولكنْ قالوا ذلك استهزاءً، فأكذَبَهم اللَّهُ بقوله: {إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [يس: ٤٧]، وكذلك قوله: {قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ}، ثم قال: {وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} [المنافقون: ١]؛ لأنَّهم لم يقولوه اعتقادًا.

وقولُه تعالى: {أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ}: فسَّرْناه؛ لأنَّه مُتَّصلٌ بالأول ومُقَدَّمٌ في المعنى، وإنْ كان مُؤَخَّرًا في النَّظْم.

* * *

(٢٢ - ٢٣) - {بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ (٢٢) وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ}.

وقولُه تعالى: {بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ}: أي: طريقةٍ. وقيل: مِلَّةٍ. وقيل: دِينٍ.