للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(٣٦) - {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ}.

{وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ}: يتَّصِلُ بقوله: {أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا}.

قال قتادة والسُّدِّي: أي: يُعْرِضْ عن القرآن (١).

وقال أبو عُبيدة: ومَن يُظْلِمْ بصرُه (٢)، يُقال: عَشَوْتُ بالليل في الظُّلْمة إلى نارٍ مِن بعيد، قال الشاعر:

متى تأتِه تَعْشو إلى ضوء نارِه... تجِدْ خيرَ نارٍ عندها خيرُ مُوقِدِ (٣)

فإذا كان قولك: (عَشَوْتُ إليه) نظَرًا إليه، كان قولُك: (عَشَوْتُ عنه) صَرْفًا للنَّظَر عنه.

وقولُه تعالى: {نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ}: أي: نُهَيِّئْ.

وقيل: أي: نُسَلِّطْ.

وقيل: أي: نُقَدِّرْ شيطانًا يُزِلُّه ويُضِلُّه.

قال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: أي: نُسَلِّطْه عليه {فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ}: فهو معه في الدنيا والآخرة (٤).


(١) رواه عنهما الطبري في "تفسيره" (٢٠/ ٥٩٦)، وذكره عن قتادة الماورديُّ في "النكت والعيون" (٥/ ٢٢٥)، والسمعاني في "تفسيره" (٥/ ١٠٢)، وقال الواحدي في "البسيط" (٢٠/ ٤٣): هو قول قتادة، وروي ذلك عن ابن عباس، وهو اختيار الفراء وأبي إسحاق.
(٢) انظر: "مجاز القرآن" لأبي عبيدة (٢/ ٢٠٤)، و"غريب القرآن" لابن قتيبة (ص: ٣٩٧).
(٣) البيت للحُطيئة جرول بن أوس. انظر: "ديوانه" (ص: ٧٠)، و"العين" للخليل (٢/ ١٨٧)، و"مجاز القرآن" لأبي عبيدة (٢/ ٢٠٤)، و"إصلاح المنطق" لابن السكيت (ص: ١٤٨).
(٤) انظر: "تفسير السمرقندي" (٣/ ٢٥٨)، و"تفسير الثعلبي" (٨/ ٣٣٥)، و"تفسير البغوي" (٧/ ٢١٣).