للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قولُه تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاءَنَا}: يومَ القيامة هذا العاشي، وَحَّدَ لأنه ردَّه إلى أول الكلام.

وقرأ ابنُ كثيرٍ ونافعٌ وعاصمٌ في رواية أبي بكر: {حَتَّى إِذَا جَاءَنَا} على التَّثْنِية (١)؛ أي: العاشي وشيطانُه، وأُدْخِلا النارَ.

{قَالَ يَالَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ}: أي: قال هذا العاشي: ليتني لم أكنْ صَحِبْتُكَ ولا عرَفْتُكَ، ولا كانت بيني وبينكَ وُصْلَةٌ ولا تقاربٌ، حتى كنا في التَّباعد كأنَّ أحدَنا بالمشرق والآخرَ بالمغرب، لا يلتقيان ولا يتقاربان.

وجعلُهما مَشْرِقَينِ على الازدواج؛ كالقمَرين وسُنَّةِ العُمَرين.

وقيل: هما مَشْرِقُ الشتاء، ومَشْرِقُ الصيف؛ كما قال تعالى: {رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ} [الرحمن: ١٧].

وقولُه تعالى: {فَبِئْسَ الْقَرِينُ}: كنتَ لي في الدنيا، أضلَلْتَني عن السبيل، وأَوْرَدتَني ونفْسَكَ عذابَ الجحيم.

وقيل: أي: {فَبِئْسَ الْقَرِينُ}: أنتَ لي الآنَ.

* * *

(٣٩ - ٤٠) - {وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ (٣٩) أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ وَمَنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}.

وقولُه تعالى: {وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ}: أي: إنَّ اشتراكَكم في العذاب الذي استوجبْتُموه بشِرْكِكم لنْ يُخَفِّفَ عنكم شيئًا، ولا


(١) انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: ٥٨٦)، و"التيسير" للداني (ص: ١٩٦)، والتثنية قراءة ابن عامر أيضًا.