نُريهم مِن معجزةٍ إلَّا هي أعظمُ مِن صاحبَتِها في نَقْضِ العادة، وأكبرُ في الأُعْجُوبة، وأَبْلَغُ في لُزوم الحُجَّة.
والأُخْتُ: استعارةٌ مِن ذلك، ومَجازٌ عن المُشاكلة، وهو كما حُكِيَ: أنَّ بعضَ الشعراء سُئِلَ عن نفْسِه وعن شاعر آخر، فقال: أنا أقول البيتَ وأخاه، وهو يقول البيتَ وابنَ عمِّه (١)، وكان هذا مجازًا عن التَّقارُبِ والتَّباعُدِ في التَّشاكُلِ، ونظيرُه قولُه تعالى:{كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا}[الأعراف: ٣٨].
ثم ظاهرُ النَّظْم يدلُّ على أنَّ اللاحِقةَ أعظمُ مِن السابقة، وحقيقةُ ذلك: أنَّ الآيتَينِ مُتساويتان في نَقْضِ العادة وإيضاح الحُجَّة، لكنَّ الأُولى يذهَبُ هولُها على مَن رآها، فتزيد الثانيةُ عظَمةً عند الرائي لحُضورها.
وقيل: هو تعظيمُ شأنِهما جميعًا؛ كقولك: هُما أخوان، كلُّ واحدٍ منهما أكرمُ مِن الآخر.
وقيل: كانت آيةُ اليدِ أعظمَ مِن آية العصا؛ لأنَّ السحَرةَ أَمْكَنَهم التَّمْويهُ في العصا، ولم يُمْكِنْهم ذلك في اليد.
وقولُه تعالى:{وَأَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}: هو ما قال: {وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ}[الأعراف: ١٣٠]، وقولُه:{فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ} الآية [الأعراف: ١٣٣].