للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(٢٤) - {وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ}.

وقولُه تعالى: {وَاتْرُكِ الْبَحْرَ}: قال أبو عُبيدةَ وقُطْرُبٌ: أي: ساكنًا (١).

وكان أُمِرَ أنْ يَضْرِبَ البحرَ بعَصاه حتى انفلَقَ طُرُقًا، وقامَ في الهواء، فلما عبَرَ خاف أنْ يَدْخُلَه فرعونُ وقومُه، ويعبُروا كما عبَرَ هو وبنو إسرائيل، فقال اللَّه تعالى له: امضِ أنتَ واترُكْهُ كذلك، فإنهم يدخلُون لكنْ يَغْرَقون ولا يعبُرون، وذلك قولُه: {إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ}.

وقيل: الرَّهْوُ: الواسعُ المُنفَرِجُ؛ أي: اترُكْه كذلك.

وقال الكسائيُّ: يُقالُ: جاءت الإبلُ رَهْوًا؛ أي: يتبَعُ بعضُها بعضًا (٢).

يقول: اتْرُكِ البحرَ يدخُلْ فيه فرعونُ وقومُه مُتَتابِعين ثم يغرَقون.

والجُندُ جمعٌ بمعناه، فلذلك قال: {مُغْرَقُونَ}، وفردٌ بلفظِه؛ فلذلك قال: {جُنْدٌ مَا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزَابِ} [ص: ١١].

* * *

(٢٥ - ٢٨) - {كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (٢٥) وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (٢٦) وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ (٢٧) كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ}.

وقولُه تعالى: {كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ}: أي: ففعَلَ، ودخلَ البحرَ فرعونُ وقومُه، فأُغرقوا، وترَكوا بساتينَ كثيرةً فيها أشجارٌ مُظِلَّةٌ وعيونٌ نابِعةٌ بالمياه.


(١) انظر: "مجاز القرآن" لأبي عبيدة (٢/ ٢٠٨)، وذكره الماوردي في "النكت والعيون" (٥/ ٢٥٠) عن الكلبي والأخفش وقطرب.
(٢) انظر: "غريب الحديث" للحربي (٢/ ٦٨٠)، و"تهذيب اللغة" للأزهري (٦/ ٢١٣).