للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال سعيد بن المسيب رحمه اللَّه: كنا بين يدي عمرَ بن الخطاب، فقرأ قارئٌ هذه الآيةَ، فقال عمرُ: لِيَجْزِيَ عمرَ بما صنَعَ (١).

وقال محمد بن كعب والسُّدِّي: نزلَتِ الآيةُ في ناسٍ مِن أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مِن أهل مكة، وكانوا في أذًى شديدٍ مِن المشركين قبل أنْ يُؤمَروا بالقتال، فشَكَوا ذلك إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأنزلَ اللَّهُ هذه الآية.

وقالا في معنى قوله: {لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ}: يعني: لا يخافون العذابَ الذي أنزلَه اللَّهُ بقوم نوح وعاد وثمود، ثم أذِنَ اللَّهُ في قتالهم، ونُسِخَتِ الآيةُ (٢).

* * *

(١٦) - {وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ}.

وقولُه تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ}: وهذه تسليةٌ للنبي في تكذيب قومِه إياه مع وُفُورِ البيان، وتمثيلٌ لأمره بما قد كان، يقول: ولقد أعطينا بني إسرائيل التوراةَ والإنجيلَ، و {الْكِتَابَ} اسمُ جنسٍ، فصلَحَ لهما ولكلِّ كتاب أُنْزِلَ على رسولٍ.

أي: أعطينا ذلك أنبياءَهم المبعوثين منهم، وذلك إعطاءٌ لهم.

{وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ}: أي: وأعطيناهم الحُكْمَ على الناس والقضاءَ بينهم والنبوةَ؛ لِمَا جعلنا فيهم مِن الأنبياء مِن حين يوسف إلى عيسى عليهم السلام.


= فلما سمع بذلك عمر بن الخطاب اشتمل على سيفه، وخرج في طلبه، فجاء جبريل إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ونزلت هذه الآية.
(١) ذكره الزمخشري في "الكشاف" (٤/ ٢٨٨).
(٢) ذكره عنهما الثعلبي في "تفسيره" (٨/ ٣٦٠)، والبغوي في "تفسيره" (٧/ ٢٤٢).