للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والجُثْوَةُ: الشَّيءُ المجتمِعُ، وعلى هذا قيل في قوله: {حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا} [مريم: ٦٨]؛ أي: مُجْتَمِعين.

وقيل: جاثيةً (١) على الرُّكَبِ للحساب والسؤال؛ كما يكون للخُصوم في الدنيا.

{كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا}: قيل: إلى الكتابِ المُنزَلِ على نبيِّها: هل عَمِلَ به أو خالفَه؟

والأظهرُ: إلى كتابِ عمَلِه الذي كتبَتْهُ الحفَظةُ؛ كما قال: {اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا} [الإسراء: ١٤].

{الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}: في الدنيا، ويَظْهَرُ مكْتوبًا في كتابكم.

* * *

(٢٩) - {هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}.

{هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ}: أي هذا الكتاب الذي كُتِبَ عليكم بأمرنا يُبَيِّنُ ما عَمِلْتُم.

والنُّطْقُ مَجازٌ؛ كما قال: {أَمْ أَنْزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ} [الروم: ٣٥].

وأضافَ الكتابَ إلى العبد في قوله: {اقْرَأْ كِتَابَكَ} لأنَّه عمَلُه (٢)، وأضافَه إلى نفْسِه في قوله: {هَذَا كِتَابُنَا} لأنه بأمره.

{إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ}: أي: نأمُرُ الحفَظَةَ بالنَّسْخِ، وسينُ الاستفعالِ قد تكونُ للطَّلَب والسؤال.


(١) في (أ): "جاثين".
(٢) في (أ): "لأنه عليه الآية"، وفي (ف): "لأنه عليه".