للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(٣١) - {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ}.

وقولُه تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ}: ولَنَخْتَبِرَنَّكم بالأمر والنهي؛ أي: أُعامِلكم مُعاملةَ المُخْتَبِرِ؛ لِيَظْهَرَ منكم ما سبَقَ في عِلْمِي منكم، وذلك قولُه:

{حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ}.

وقيل: أي: حتى أَعْلَمَهم موجودين كما كنتُ عَلِمْتُهم أنهم يوجدون.

وقولُه تعالى: {وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ}: أي: وحتى نَكْشِفَها، كما قال: {يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ}، وقد فعَلَ ذلك بما مرَّ في سورة براءة.

وقرأ عاصمٌ في رواية أبي بكر: {ولَيَبْلُوَنَّكم} {وَيبْلوَ أخباركم} (١) بياء المغايبة رَدًّا على قوله: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ}، وقرأ الباقون بالنون (٢) رَدًّا على قوله: {وَلَوْ نَشَاءُ}.

وقال أنس بن مالك رضي اللَّه عنه: ما خَفِيَ على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بعد نزول هذه الآية أحدٌ مِن المنافقين، وكان يعرِفُهم بسِيماهم، ولقد كُنَّا معه في غزوةٍ وفيها سبعةٌ مِن المنافقين، فشكاهم الناسُ، فناموا ذات ليلة، فأصبحوا وعلى جَبْهةِ كلِّ واحدٍ منهم مكتوبٌ: هذا منافقٌ، فذلك قولُه: {بِسِيمَاهُمْ} (٣).

* * *

(٣٢) - {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ}.


(١) وكذلك قوله تعالى: {حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ}.
(٢) انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: ٦٠١)، و"التيسير" للداني (ص: ٢٠١).
(٣) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٩/ ٣٧)، والزمخشري في "الكشاف" (٤/ ٣٢٧) هكذا من غير إسناد. قال الزيلعي في "تخريج أحاديث الكشاف" (٣/ ٢٩٨): غريب.