للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ورُوِيَتْ في نزول هذه الآيات رواياتٌ كلُّها مُجْتَمِعَةٌ على أنها نزلت في خلافٍ (١) وقعَ بين نفَرَينِ مِن الأنصار تعصَّبَ لكلِّ واحدٍ منهما قومُه، حتى خرَجوا إلى القتال بالجَريدِ والعِصِيِّ والأيدي والنِّعالِ، ويَحتمِلُ أنْ تكون كلُّها صحيحةً، ونزولُ الآيةِ كانت عَقِيبَ جميعِها.

وانتظامُ هذه الآيةِ بما قبلَها: أنهم أُمِروا بترك التَّقَدُّمِ على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالقول والفعل وبإجلالِه (٢)، ونُهُو عن إيذائه.

قال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: مرَّ رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يومًا على ملَأٍ مِن الأنصار فيهم عبدُ اللَّهِ بنُ أُبَيٍّ، ورسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- على حِماره، فوقَفَ عليهم يَعِظُهم، فبالَ حِمارُه أو راثَ، فأمسكَ عبدُ اللَّه بنُ أُبَيٍّ -لعنَه اللَّهُ- بأنفه، وقال: نَحِّ (٣) عنا نَتْنَ حِمارِكَ فقد آذيْتَنا بنَتَنِ حِماركَ، فمَن جاءك مِنَّا فعِظْهُ، فسَمِعَ ذلك عبدُ اللَّهِ بنُ رواحةَ، فقال: أَلِحِمارِ رسولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- تقول هذا؟! واللَّهِ إنَّ بولَ حمارِ رسولِ اللَّهِ أطيبُ مِن رائحتكَ، فمرَّ رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وطالَ الكلامُ بين عبد اللَّه بن أُبَيٍّ المنافق وبين عبد اللَّه بن رواحة، حتى استَبَّا وتجالَدا، وجاء قومُ عبد اللَّه بن رواحة، وهُم الأَوْسُ، وقومُ عبد اللَّه بن أُبَيٍّ، وهُم الخَزْرَجُ، وتجالَدوا بالعِصِيِّ (٤).


(١) في (أ) و (ف): "اختلاف".
(٢) في (ر): "وبالإجلال له".
(٣) في (ر): "ول".
(٤) رواه البخاري (٢٦٩١)، ومسلم (١٧٩٩) من حديث أنس رضي اللَّه عنه باختلاف يسير.
وذكره الزمخشري في "الكشاف" (٤/ ٣٦٤) عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما، وقال الزيلعي في "تخريج الكشاف" (٣/ ٣٣٥): غريب من حديث ابن عباس رضي اللَّه عنهما.