للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقولُه تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}: أي: ومَن لم يتُبْ عن هذه الأشياء التي نهى اللَّهُ تعالى عنها، فقد وضَعَ الشيءَ في غير مَوْضِعِه وظلَمَ نفْسَه.

وجمَعَ قولَه: {فَأُولَئِكَ} مع (١) توحيد قولِه: {وَمَنْ لَمْ يَتُبْ}؛ لأنَّه اسمُ جِنْسٍ، فكان واحدًا بلفظه، جَمْعًا بمعناه.

* * *

(١٢) - {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ}.

وقولُه تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ}: وهو أنْ يَظُنَّ بالمؤمن سوءًا مِن حيث لم يتحقَّقْ عليه، ولم يُوجَدْ منه مِن إعلان المعاصي ما يُخْرِجُه مِن حُسْنِ الظَّنِّ به.

{إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ}: وهو هذا.

{وَلَا تَجَسَّسُوا}: أي: ولا يتَّبعْ بعضُكم عيبَ بعضٍ (٢)، ولا يبحَثْ عن سرائره (٣).

والتَّجَسُّسُ: التَّبَحُّثُ، ومنه: جَسُّ الشَّاةِ، وجَسُّ العِرْقِ، وهو التَّبَحُّثُ عن سِمَنِ الشَّاةِ وهُزالِها، وعن قوَّةِ حرَكةِ العِرْقِ وضَعْفِها، ومنه الجاسوسُ: وهو الذي يبحَثُ عن الأخبار.

{وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا}: أي: ولا يذكُرْ أحدٌ منكم غيرَه بظَهْرِ الغَيبِ بما لو كان حاضرًا فشافهَه به كَرِهَه؛ صِدْقًا كان ذلك أو كَذِبًا، وقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا


(١) في (ر) و (ف): "بعد".
(٢) في (أ): "لا يتبع بعضكم بعضًا بعيبه".
(٣) في (أ): "سر أمره".