للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الكرسيِّ، ثم أنبتَ اللَّهُ مِن الياقوتة جبلًا، فأحاطَ بالأرَضين السَّبع، ثم أنبَتَ اللَّهُ هذه الجبالَ كلَّها على وجه الأرض في بَرِّها وبحرِها مِن ذلك الجبل، فهي عروقُه (١).

وقال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: (ق) جبلٌ مُحيطٌ بالأرَضين مِن زَبَرْجَدَةٍ خَضْراءَ (٢)، فخُضْرَةُ السماءِ منه، فليست مدينةٌ مِن المدائن إلا وفيها عِرْقٌ مِن عُروقه وملَكٌ مُوكَّلٌ به واضِعٌ يديه على تلك العُروق، فإذا أرادَ اللَّهُ بقوم هلاكًا، أوحى اللَّهُ إلى ذلك الملَكِ، فحرَّكَ منها عِرْقًا، فخسَفَ بأهلها، فالشياطينُ ينطلقون إلى ذلك الزَّبَرْجَدِ، فيأخذون منه، فيَبُثُّونه في الناس، فمِن ثمَّةَ هو قليلٌ (٣).

وقيل: معناه: قُل يا محمدُ: {وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ}.

وقال أبو بكر الوراق: معناه: قِفْ يا محمد (٤) عند أَمْرِنا ونَهْيِنا ولا تتعدَّاهما (٥)، والعربُ قد تقتصِرُ مِن الكلمة على حرفٍ، قال قائلُهم:


(١) لم أقف عليه وهو من خرافات الإسرائيليات.
(٢) في (ر): "زبرجد أخضر".
(٣) رواه بنحوه ابن أبي الدنيا في "العقوبات" (٢٢)، وأبو الشيخ في "العظمة" (٤/ ١٤٨٤ و ١٤٨٩). وهو كسابقه من خرافات الإسرائيليات، ولعله لا يصح عن ابن عباس، وقد ذهب القرافي إلى أن جبل قاف لا وجود له، وبرهن عليه بما برهن ثم قال: ولا يجوز اعتقاد ما لا دليل عليه.
ذكر ذلك الآلوسي في "روح المعاني" (٢٥/ ٤١٢)، ثم أورد تعقب ابن حجر الهيتمي على القرافي وأعقبه بقوله: والذي أذهب إليه ما ذهب إليه القرافي من أنه لا وجود لهذا الجبل بشهادة الحس، فقد قطعوا هذه الأرض برها وبحرها على مدار السرطان مرات فلم يشاهدوا ذلك، والطعن في صحة هذه الأخبار أهون من تكذيب الحس، وليس ذلك من باب نفي الوجود لعدم الوجدان كما لا يخفى على ذوي العرفان، وأمر الزلزلة لا يتوقف على ذلك الجبل، بل هي من الأبخرة وطلبِها الخروج مع صلابة الأرض، وإنكار ذلك مكابرة عند من له أدنى عرق من الإنصاف، واللَّه تعالى أعلم.
(٤) في (أ): "قف"، بدل: "معناه قف يا محمد".
(٥) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٩/ ٩٣)، وابن الجوزي في "زاد المسير" (٤/ ١٥٧).