للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقيل: حُذِفَتِ اللَّامُ على نِيَّةِ تقديمِ جوابِ القسَمِ، وتقديرُه: قد علِمْنا ما تنقُصُ الأرضُ منهم، والقرآنِ المجيدِ.

وقال ابنُ كَيْسانَ: جوابُه: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ} (١).

والصَّحيحُ: أنَّ جوابَه محذوفٌ، ودليلُ ذلك قولُه: {بَلْ}؛ لأنَّه لِنَفْيِ ما قَبْلَه، فدلَّ على مَنْفِيٍّ (٢) مُضْمَرٍ، وتقديرُه: أُقْسِمُ بجبَلِ (ق) الذي به بقاءُ دنياكم، وبالقرآنِ المجيدِ الذي به بقاءُ دينِكم، ما كذَّبوك لِمعرفتِهم بكَذِبِكَ.

* * *

(٢ - ٣) - {بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ (٢) أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ}.

{بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ}: وهو كقوله: {أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا} [يونس: ٢]، ولم يقل: (فقالوا)، بل قال: {فَقَالَ الْكَافِرُونَ} تقبيحًا لهم ووَصْفًا لهم بما هو أسوأُ صفاتِهم -وهو مِن فَرْطِ جهالتِهم- أنْ تَعَجَّبوا وأنكروا أنْ يكونَ مَن مِثْلُهم نبيًّا مبعوثًا، واستجازوا أنْ يكون الصَّنَمُ الذي هو دونَهم إلهًا مَعْبودًا.

{أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا}: أي: وقالوا أيضًا هذا: أئذا مِتْنا وبَلِينا وصِرْنا تُرابًا أَنُبْعَثُ؟! فهذا مُضْمَرٌ.

{ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ}: أي: رَدٌّ بعيدٌ عن العقل؛ أي: قولُه: إنا نُردُّ بعد الموت إلى الحياة، مُحالٌ لا يقبَلُه العقلُ، وهو كقولهم: {هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ} [المؤمنون: ٣٦]، والرَّجْعُ مُتَعَدٍّ، والرُّجوعُ لازمٌ.


(١) ذكره عنه الثعلبي في "تفسيره" (٩/ ٩٣)، وابن عطية في "تفسيره" (٥/ ١٥٥).
(٢) في (ر): "قسم".