للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقيل: هذا (١) يرجِعُ إلى إنكار البَعْثِ، وتقديرُه: ما أنكَروه لِجَهْلِهم فإنَّهم مُقِرُّون بقُدْرة اللَّهِ {بَلْ كَذَّبُوا بِـ} هذا الخبَرِ {الْحَقِّ} لَمَّا جاءهم، {فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ}: مُلْتَبِسٍ مِن حديث البَعْثِ، فمنهم مَن يقول: {إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا} [الأنعام: ٢٩]، ومنهم مَن يقول: {وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى} [فصلت: ٥٠]، ومنهم مَن يقول: {مَا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا} [الجاثية: ٣٢]، وقال تعالى: {بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ} [النمل: ٦٦].

وقيل: {فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ}؛ أي: جوابٍ مُتَناقِضٍ، فإنهم يُقِرُّون (٢) بالقُدْرةِ على الإنشاء، ويُنْكِرون القُدْرةَ على الإعادة، وهو تناقُضٌ.

* * *

(٦ - ٧) - {أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ (٦) وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ}.

وقولُه تعالى: {أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا}: أي: أيُّ عُذْرٍ لهم في إنكار البَعْثِ؟! أمَا يَنْظُرون بأبصار قلوبِهم إلى أصناف ما خَلَقْتُه مِن السماء والأرض وما بينهما؟! فيتنبَّهوا بذلك على قُدْرَتي على إعادة الموتى؛ إذ قد رأوا بأبصار رؤوسِهم السماءَ كيف جعلناها (٣) كالبِناءِ المُظِلِّ فوقهم {وَزَيَّنَّاهَا} بالكواكب والشمس والقمر {وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ}؛ أي: شُقوقٍ.

{وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا}: أي: بَسَطْناها {وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ}؛ أي: جبالًا ثوابتَ {وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ}؛ أي: مِن كلِّ نوعٍ حَسَنٍ مِن النبات.


(١) في (ف): "هو".
(٢) في (أ): "يقولون".
(٣) في (أ) و (ف): "خلقتها".