للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ}: أي: مُلْكًا ومِلْكًا وخَلْقًا خَلَقَهم وتعبَّدَهم.

{لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى}: فيُمَيِّزَ بين الضَّالِّ والمُهْتَدي، والمُسِيءِ والمُحْسِنِ، فيَجْزِيَ المُسِيءَ المُشْرِكَ في الدنيا بالسَّبْيِ والقتلِ والهَوان، وفي الآخرة بالخُلود في النِّيران، ويَجْزِيَ المؤمنَ المُحْسِنَ في الدنيا بالنَّصْر والظَّفَر والإِمْكان، وفي الآخرة بالخُلودِ في الجِنان.

* * *

(٣٢) - {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى}.

وقولُه تعالى: {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ}: هو نَعْتٌ لـ {الَّذِينَ أَحْسَنُوا}.

وقرأ ابنُ كثيرٍ: {كَبِيرَ الإثمِ}: وهو الكفرُ، وقرأ الباقون: {كَبَائِرَ الْإِثْمِ} (١): وهي عَظائِمُ الذُّنوبِ، {وَالْفَوَاحِشَ}: القبائحُ.

وقيل: {كَبَائِرَ}: ما أوعَدَ اللَّهُ عليها بالنار، {وَالْفَوَاحِشَ}: ما شرَعَ فيه الحُدودَ، وقد ذَكَرْنا الأقاويلَ في الكبائر في سورة النساء.

قولُه تعالى: {إِلَّا اللَّمَمَ}: هو استثناءٌ مُنْقَطِعٌ؛ لأنَّه ليس مِن الكبائر والفواحش.

قال ابن عباس وابن زيد (٢): معناه: لكنِ الذين ألَمُّوا به قبلَ الإسلامِ قد غفَرَ اللَّهُ لهم ذلك (٣).

وقيل: اللَّممُ: أنْ لا يُصِرَّ على ما ارتكَبَه، بل يُبادِرُ بالتوبة عنه، مِن قولهم: (ما


(١) انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: ٦١٥)، و"التيسير" للداني (ص: ١٩٥)، عن حمزة والكسائي، أما ابن كثير فقد وافق باقي السبعة في قراءة: {كَبَائِرَ}.
(٢) في (أ): "وابن زيد وهو عبد الرحمن بن زيد بن أسلم".
(٣) رواه عنهما الطبري في "تفسيره" (٢٢/ ٦٠)، وذكره ابن عطية في "المحرر الوجيز" (٥/ ٢٠٤).