للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

رُوِيَ: أنَّ الوليدَ بنَ المُغيرة كان أرادَ الدُّخولَ في الإسلام، فعاتبَه بعضُ المشركين، وقال له: إنْ أعطَيْتَني شيئًا مِن مالكَ، ورجَعْتَ إلى شِرْكِكَ ودينِ آبائِكَ، ضَمِنْتُ لكَ أنْ أتحمَّلَ خطاياكَ وعذابَ الآخرةِ على شركِكَ، فأجابَه الوليدُ إلى ذلك، وأعطاه بعضَ ما كان ضَمِنَ له به، ومنَعَه البعضَ (١).

وقيل: إنَّ هذا رجلٌ أسلَمَ، فلَقِيَه بعضُ مَن عيَّرَه فقال: ترَكْتَ دِينَ الأشياخ وضلَّلْتَهم، وزعَمْتَ أنهم في النار، وكان ينبغي لكَ أنْ تنصُرَهم، فكيف تفعلُ بآبائكَ؟! فقال: إني خشِيتُ عذابَ اللَّهِ، فقال: أَعْطِني شيئًا وأنا أَحْمِلُ كلَّ عذابٍ كان عليكَ عنكَ، فأعطاه شيئًا، فقال: زِدْنا، فتعاسَرا حتى أعطاه شيئًا، وكتَبَ له كتابًا، وأشهَدَ له بذلك، فذلك قولُه تعالى: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى} (٢): أي: أعرَضَ عن الإيمان باللَّه ورسوله.

* * *

(٣٤) - {وَأَعْطَى قَلِيلًا وَأَكْدَى}.

{وَأَعْطَى قَلِيلًا}: مِن المال على أنْ يتحَمَّلَ عنه ما يَسْتَحِقُّه مِن العذاب بكفره وتَوَلِّيه، ثم قطَعَ إعطاءَه، فلم تَسْنَحْ نفْسُه ببَذْلِ مالِه على تحمُّلِ العذاب عنه، فجمَعَ جَهْلًا وبُخْلًا، وذلك قولُه:


(١) ذكره الطبري في "تفسيره" (٢٢/ ٧١)، ومكي بن أبي طالب في "الهداية" (١١/ ٧١٦٧)، وابن عطية في "المحرر الوجيز" (٥/ ٢٠٥) من غير نسبة.
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (٢٢/ ٧٢) عن ابن زيد.
وذكره الثعلبي في "تفسيره" (٩/ ١٥١)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص: ٣٩٩)، وابن الجوزي في "زاد المسير" (٤/ ١٩١) عن مجاهد وابن زيد.