للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قيل: كانت تأتيهم مِن تحت أقدامِهم فتَقْلَعُهُم كما تَنْقَعِرُ النَّخْلَةُ مِن أَصْلِها.

وقيل: كانت تَقْتَلِعُ الناسَ فتَرْمِي بهم على رؤوسهم، فتَدُقُّ رقابَهم، وتَبِينُ مِن أجسادِهم، فشُبِّهوا بأُصول النَّخْلِ لهذا.

وقيل: بل أحْرَقَتْهم فقَطَّعَتْهم الرِّيحُ قِطَعًا، فكان كلُّ عُضْوٍ منهم كعَجُزِ النَّخْلِ المُنْقَعِرِ، فذلك قولُه:

{كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ}: والأعجازُ: جَمْعُ عَجُزٍ، وهو أَصْلُ النَّخْلَةِ.

والمُنْقَعِرُ: المُنْقَلِعُ مِن أصلِه.

والنَّخْلُ يؤنَّثُ إذا أُريدَ بها جَمْعُ نَخْلَةٍ، وعلى ذلك قولُه: {أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ} [الحاقة: ٧]، ويُذَكَّرُ إذا أُرِيدَ به الواحدُ، ويجوز أنْ يكون جَمْعًا ها هنا وذَكَّرَ نَعْتَه للفظه، والأَولى أنْ تكون جَمْعًا؛ لأنَّه شبَّه بها الجماعةَ.

وقيل: كأنهم حفَروا حُفَرًا دَخَلوا فيها، فكانت الرِّيحُ تَنْزِعُهم؛ أي: تُخْرِجُهم منها، فتَكْسِرُهم، فتبقى تلك الحُفَرُ كأنها أصولُ نخلٍ قد هلَكَ ما كان قائمًا فيها، فبَقِيَ موضعُها مُنْقَعِرًا، وهو الشيءُ الذي له قَعْرٌ.

وقال الأخفش: {أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ}: أي: أَسافِلُ نَخْلٍ مُنْقَلِعٍ (١).

* * *

(٢١ - ٢٤) - {فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ (٢١) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (٢٢) كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ (٢٣) فَقَالُوا أَبَشَرًا مِنَّا وَاحِدًا نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذًا لَفِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ}.

{فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ}: فسَّرْناه.


(١) وهو قول الفراء في "معاني القرآن" (٣/ ١٠٨)، وأبي عبيدة في "مجاز القرآن" (٢/ ٢٤١).