للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقيل: أي: تشديدًا للتَّعَبُّد عليهم بما يَلْزَمُهم مِن الصَّبر على ضِيقِ الماء والكلَأِ بخُروج الناقة لحاجَتِها إلى الكثير منها مع فَصيلِها.

{فَارْتَقِبْهُمْ}: أي: فانتظِرْهم، وتَبَصَّرْ ما يكون منهم، {وَاصْطَبِرْ} على ارتقابِهم، ولا تَعْجَلْ إلى أنْ يؤمنوا، أو يَهْلِكوا.

وقولُه تعالى: {وَنَبِّئْهُمْ}: أي: خَبِّرْهم {أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ}: أي: مَقْسومٌ بين القوم وبين الناقة، والقِسْمَةُ ما ذُكِرَ في سورةٍ أخرى: {لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ} [الشعراء: ١٥٥].

{كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ}: أي: كلُّ نصيبٍ مِن الماء يُحْضِرُه صاحبُه في يومه.

* * *

(٢٩) - {فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ}.

قولُه تعالى: {فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ}: رُوِيَ أنَّ الأمرَ لما طالَ بهم في الناقة، غلَبَ عليهم الشَّقاءُ، فائتَمَرَ تسعةُ نفَرٍ منهم، وهُم المذكورون في قوله: {وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ} [النمل: ٤٨] منهم قُدَارُ بنُ سالِف، ائتمَروا بها، فلما أَجْمَعوا على قَتْلِها قال بعضُهم لبعضٍ: أيُّكم يَكْمُنُ للناقة حين تمُرُّ إذا صدَرَتْ عن الماء، فتحاماها القومُ، وكمَنَ لها قُدارُ بنُ سالِفٍ لِيَقْتُلَها، وصاح بها بَقِيَّةُ الرَّهْطِ وهي على الماء، فقتلَها قُدَارُ بنُ سالِفٍ، فكان معنى قولِه: {فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ}: أي: فنَبَّهوه على مَجيئِها وقُرْبِها مِن مَكْمَنِه، ودَعَوْه إلى قَتْلِها.

وقيل: لَمَّا ائتمَروا بها قال أحدُهم: أنا أَكْفِيكُمُوها، فلما هَمَّ بها هابَها، فناداه أصحابُه فشَجَّعوه.

{فَتَعَاطَى فَعَقَرَ}: أي: فتناوَلَ ما دَعَوْه إليها فقتَلَها.