للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال الفرَّاءُ والكسائيُّ: إذا قُلْتَ: (خرَجْتُ بسَحَرٍ) أجْرَيْتَه بجَعْلِه نكرةً، وإذا حذَفْتَ الباءَ لم تُجْرِه (١).

* * *

(٣٦ - ٣٧) - {وَلَقَدْ أَنْذَرَهُمْ بَطْشَتَنَا فَتَمَارَوْا بِالنُّذُرِ (٣٦) وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ}.

{وَلَقَدْ أَنْذَرَهُمْ بَطْشَتَنَا}: أي: كان خوَّفَهم بأَخْذِنا إيَّاهم إذا أقاموا على كفرهم وتكذيبهم.

وخرَجَ الكلامُ مَخْرَجَ المَرَّةِ الواحدةِ؛ لأنَّهم لم يَبْقَوا بعد تلك البَطْشَةِ الواحدةِ.

{فَتَمَارَوْا بِالنُّذُرِ}: أي: فشَكُّوا فيما أَنْذَرَهم به، وجادَلوه فيه وجَحَدوه، وقالوا: كيف يَتَهَيَّأُ له إِهْلاكُنا وهو واحدٌ مِنَّا؟!

{وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ}: أي: طالَبوه بتسليم أضيافِه إليهم، وهُم الملائكةُ الذين رأوهم على صورة الغِلْمان، وظَنُّوهم مِن البَشَر، وقَصَدوا منهم ما اعتادوه مِن خَبائِثِهم (٢).

{فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ}: قيل: فأَعْمَيْناهم؛ رُوِيَ: أنَّ جبريلَ مسَحَ وجوهَهم بجناحِه فأَعْماهم، فجعَلوا يجولون لا يَدْرون كيف يَتوَجَّهون.

وقيل: صُيِّرَتْ أعينُهم كسائر الوجه لا شِقَّ لها؛ كما تَطْمِسُ الرِّيحُ الأعلامَ بالرَّمْلِ والتراب.

وقيل: بل أعماهم مع بقاءِ صُوَرِ أعيُنِهم.


(١) انظر: "معاني القرآن" للفراء (٣/ ١٠٩).
(٢) في (ر): "خيانتهم".