للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

و {عَلَى وُجُوهِهِمْ}: دِلالةُ نهايةِ الإذلال، وبيانُ أنَّهم لا يُجَرُّون على أَقْفِيَتِهم بل على وُجوهِهم.

وقُرِئَتِ الآيةُ بين يدَيِ الفُضَيْلِ، فبكى حتى خَنَقَتْهُ العَبْرةُ، فقال: واللَّهِ لو سُحِبوا على الخَزِّ والحريرِ لكان شديدًا، فكيف إذا سُحِبوا على النار؟!

{ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ}: أي: يُقالُ لهم هذا، وسَقَرُ مِن أسماء جهنَّمَ، ولا تُصْرَفُ لأنَّها مؤنثةٌ مَعْرِفَةٌ، وهي مِن سَقَرَتْهُ الشَّمْسُ؛ أي: أَحْمَتْه.

* * *

(٤٩) - {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ}.

وقولُه تعالى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ}: قال أبو هريرةَ: جاء مُشْرِكو قُرَيْشٍ إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يُخاصِمونه في القدَرِ، فنزلَتْ هذه الآيةُ (١).

وقال أنس: سمعتُ عمرَ يَحْلِفُ أنها نزلَتْ في القَدَرِيَّة (٢).

وقال ابن عباس: إنَّ أصحابَ هذه الآيةِ ما كانوا، وليكونُنَّ بعدُ (٣).

وقال كعبُ الأحبارِ: ويلٌ لأهلِ القَدَرِ! إنها لَمْكُتوبةٍ في التوراة: {إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي


(١) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" (٣٠٧٤)، والإمام أحمد في "مسنده" (٩٧٣٦)، ومسلم (٢٦٥٦)، والطبري في "تفسيره" (٢٢/ ١٦١).
(٢) رواه الواحدي في "الوسيط" (٤/ ٢١٤)، وابن الجوزي في "المسلسلات" مرفوعا من حديث أبي أمامة الباهلي رضي اللَّه عنه مسلسلا بقوله: (أشهد اللَّه).
ورواه الطبراني في "الكبير" (١١١٦٣) عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (٧/ ١١٧): رواه الطبراني، وفيه عبد الوهاب بن مجاهد، وهو ضعيف.
(٣) رواه ابن سعد في "الطبقات" (٧٧)، والخلدي في "الفوائد والزهد" (٤٨)، والسلفي في "الطيوريات" (٢/ ٥٢٨)، وابن المحب في "صفات رب العالمين" (٧٥٠)، وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (٧/ ٦٨٣) إلى سعيد بن منصور وابن المنذر.