للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وأوَّلُ ما خُلِقَ منه الإنسانُ، كان تُرابًا، ثم بالماء صار طِينًا، ثم بمُرور الزَّمان صار حَمَأً مَسْنونًا، ثم باليَبْسِ صار صَلْصَالًا، ثم بشِدَّةِ اليَبْسِ والصَّوْتِ صار كالفخَّارِ.

واختلافُ هذه الأسماءِ لاختلاف الأطوار، وفائدةُ ذِكْرِه هذه الأصولَ تعريفُنا قَدْرَنا لئلا نَعْدُوَ أطوارَنا.

* * *

(١٦ - ١٧) - {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (١٦) رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ}.

{فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}: أي: فبِأَيِّ نَعْماءِ إلهكُما تَجْحَدانِ: أتخليقَه مِن هذه الأصول، أم تكميلَه وتفضيلَه بالعلوم والعقول؟!

{رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ}: هو ربُّ المَشْرِقين: مَشْرِقِ الشتاءِ، ومَشْرِقِ الصيف، وربُّ مَغْرِبِ الشتاء، وربُّ مَغْرِبِ الصيف، وفي تدبير الفصول قِوامُ العالَمِ ومَصالِحُ العِباد.

وقال محمد بن كعب: مَشْرِقُ الصَّيفِ أطولُ يومٍ في السَّنَةِ، وهو خمسَ عشرةَ ساعةً، ومَشْرِقُ الشتاءِ أقصرُ يومٍ في السَّنَةِ، وهو تسعُ ساعاتٍ، والمَغْرِبان على ذلك، والمشارقُ والمغاربُ: مَشْرِقُ كلِّ يومٍ ومَغْرِبُ كلِّ يومٍ، والمَشْرِقُ والمَغْرِبُ جهةُ الشُّروق وجهةُ الغُروب (١).

* * *

(١٨ - ١٩) - {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (١٨) مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ}.

{فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}: فسَّرْناه.

{مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ}: قال ابنُ عبَّاسٍ: أي: أَرْسَلَهما وخَلَّاهما (٢).


(١) لم أقف عليه عن محمد بن كعب، وقريب منه قول مقاتل في "تفسيره" (٤/ ١٩٧).
(٢) رواه عنه الطبري في "تفسيره" (٢٢/ ١٩٩).