للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال الفُضَيلُ: الإحسانُ أنْ تَنْصِفَ ولا تَنْتَصِفَ (١).

وقال السُّدِّيُّ: الإحسانُ تَرْكُ رُؤْيَةِ الإحسانِ.

وقال الجُنَيدُ: الإحسانُ نِسْيانُ الإحسانِ.

* * *

(٦١) - {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}.

{فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}: يعني: بابتداءِ الإحسانِ أم بانتهاء الإحسانِ؟

وقال الإمامُ القُشَيْرِيُّ: يجوزُ أنْ يكونَ الإحسانانِ مِن اللَّه تعالى، وأنْ يكونا مِن العبد، وأنْ يكونَ الأوَّلُ مِن اللَّه تعالى، والثاني مِن العبد، وأنَّ الأوَّلَ مِن العبد، والثانيَ مِن اللَّه تعالى.

فأما رجوعُهما إلى اللَّه تعالى يعني: هل جزاءُ مَن أَحْسَنَّا إليه في الابتداء إلَّا أنْ نُحْسِنَ إليه في الانتهاء؟! وهل جزاءُ مَن فاتَحْناهُ باللُّطْفِ إلَّا أنْ نربِّيَ ذلك بالفَضْلِ والعَطْفِ؟

وأما رجوعُهما إلى العبد، فعلى معنى: هل جزاءُ مَن آمَنَ بنا إلا أنْ يَثْبُتَ في المستقبل على إيمانِه؟ وهل جزاءُ مَن عقَدَ معنا عَقْدَ الوفاءِ إلَّا أنْ لا نَنْقُضَه بالجَفاءِ؟ وهل جزاءُ مَن فَنِيَ عن نفْسِه إلا أنْ يَبْقَى بنا؟

وأمَّا رجوعُ الأوَّلِ إلى اللَّه تعالى والثاني إلى العبد، فعلى معنى: هل جزاءُ مَن أَحْسَنَّا إليه بالنِّعْمَةِ إلَّا أنْ يُحْسِنَ لنا بالخِدْمَةِ؟ وهل جزاءُ مَن أَحْسَنَّا إليه بالوَلاءِ إلَّا أنْ يُحْسِنَ لنا بالوفاء؟

وأمَّا رجوعُ الأوَّلِ إلى العبد والثاني إلى اللَّه تعالى، فعلى معنى: هل جزاءُ مَن


(١) ذكره القشيري في "رسالته" (٢/ ٣٨١) عن الحارث المحاسبي.