للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ورُوِيَ أنَّه لَمَّا نزلَتْ هذه الآيةُ شَقَّ ذلكَ على أصحابِ رسولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فنزلَ: {ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (١٣) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ} (١).

وقال سعيدُ بنُ المسيَّب: لَمَّا نزلَ: {وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ} ما زالَ رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يراجِعُ ربَّهُ حتَّى نزل: {ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (١٣) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ}، فجعل السَّابقين مِن هذه الأمَّة كالسَّابقين مِن الأممِ الماضيةِ في العدد.

وقيل: بل قوله: {وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً} في حقِّ هذه الأمَّة، و {ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ}: جماعة مِن السَّابقِيْن الأوَّليْن مِن هذه الأمَّة {وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ}: يلحقون بهم بالسَّبق إلى الطَّاعات، فأمَّا {ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ} فهما في حقِّ أصحاب اليمين، وهم كثير من الأوَّلين والآخرين.

وتكلَّموا في السَّابقين:

قال أبو موسى الأشعري وغيره: {السَّابِقُونَ}: المهاجرون الأوَّلون، ومَن صلَّى إلى القِبْلَتَيْن، {وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ}: هم التَّابعون لهم ممَّن لم تتقدَّم هجرتُهم (٢).


(١) رواه الإمام أحمد في "المسند" (٩٠٨٠)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (١٠/ ٣٣٣٠)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (٣٥٧) عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (١٠/ ٤٠٨): رواه أحمد من حديث محمد بياع الملاء عن أبيه، ولم أعرفهما، وبقية رجاله ثقات. انتهى.
قلت: أما محمد بياع الملاء فهو أبو عمرو، محمد بن عبد الرحمن بن خالد بن ميسرة، روى له النسائي، وذكره ابن حبان في "الثقات". انظر: "تهذيب الكمال" للمزي (٢٥/ ٦٠٩).
وأبوه عبد الرحمن بن خالد بن ميسرة، قال عنه الذهبي: تابعي ما روى عنه إلا ابنه محمد، مجهول. انظر: "المغني في الضعفاء" (٣٥٥٧)، و"ديوان الضعفاء" (٢٤٤٠) كلاهما للذهبي.
(٢) قول أبي موسى في السابقين رواه الطبري في "تفسيره" (١١/ ٦٣٩) في تفسير قوله تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ} [التوبة: ١٠٠]. ورواه (٢٢/ ٢٩٠) عن ابن سيرين في تفسير هذه الآية.